يختار الإيرانيون اليوم رئيساً جديداً للبلاد، في انتخابات رئاسية سبقتها حملة ساخنة تخللها تبادل للاتهامات وفضح لأركان النظام وسط تخوف من أن تتكرر أحداث «الحركة الخضراء» في 2009، إذا لم يوافق أي طرف على نتيجة الاقتراع.ودُعي نحو 57 مليون ناخب إيراني للاختيار بين مرشحين أساسيين هما مرشح الإصلاحيين والمعتدلين الرئيس الحالي حسن روحاني، ورجل الدين النافذ، سادن مرقد الامام الرضا، إبراهيم رئيسي، مرشح التيار الاصولي والذي يعتبر على صعيد واسع خليفة محتملا للمرشد الأعلى علي خامنئي.
ساعات من الحرية
وعاشت طهران قبل دخولها حالة الصمت الانتخابي ساعات من الحرية النسبية، إذ حاول التياران السياسيان المتنافسان استغلال كل الوسائل المتاحة لجذب أصوات المترددين، وخصوصا الشباب الذين يعدون الشريحة الأكبر في البلاد.ونظمت في المدن كرنفالات انتخابية، واستخدم الشباب وخاصة المؤيدين لروحاني خلالها سياراتهم المجهزة بالاجهزة الصوتية القوية لبث انواع الموسيقى الشعبية والوطنية والاجنبية أيضا، إضافة الى الشعارات، إلى جانب اهانات الأجهزة الحكومية والامنية على مرمى ومسمع من الشرطة واللجان الشعبية التي كانت تراقبهم بدقة وصمت، وامتلأت شوارع طهران ومشهد واصفهان وتبريز وغيرها بهيجان الصبايا والشباب.موسيقى
والمرشحان روحاني ورئيسي اللذان دشنا حملتيهما الانتخابيتين من ميدان معروف بـ»ميدان ولي عصر» وسط مدينة طهران أنهيا الحملتين في مدينة مشهد حيث اقام مناصرو روحاني حفلة موسيقية بحضور سالار عقيلي احد الموسيقيين الذين تم منعهم من اقامة حفلهم الموسيقي سابقا في هذه المدينة، وأدى ذلك المنع من قبل والد زوجة ابراهيم رئيسي، امام جمعة مدينة مشهد احمد علم الهدى، الى معركة سياسية داخلية بين الحكومة والمحافظين.في المقابل، استقبل الأصولي الموسيقار الشبابي المعروف بـ»امير تتلو»، واصطحبه معه الى مشهد ليقيم حفلا موسيقيا في مشهد. و»امير تتلو» من اشهر مغني الراب الذي كان يغني في الاقبية بشكل مخفي، وادت حفلته في مدينة قم وعلى منصة احدى السفن الحربية لعائلات شهداء البحرية الايرانية الى استقالة علي جنتي وزير الارشاد في حكومة روحاني.وفي حين اعتُبر تصرف روحاني تحدياً للأصوليين، اعتُبر تصرف رئيسي ردا على دعاية الاصلاحيين بأن الاصوليين يريدون منع البهجة والفرح في البلاد، وكان لافتا أن رئيسي دعا عقيلي للسفر معه الى مشهد ليقيم حفلا موسيقيا لمصلحة منافسه، اذا ما كان يخاف ان يسافر مع روحاني الذي لا يستطيع ان يحميه.قراران جدليان
وفي ظل هذا الانفتاح غير المسبوق، قامت وزارة الداخلية الايرانية باصدار بيانين احدهما عبارة عن تراجع عن قرار اخير يقضي بتغيير قرار وزير الداخلية بإعلان نتيجة الانتخابات بعد عدّ جميع الاصوات، حيث إن الوزارة كشفت انه وبعد طلب مجلس صيانة الدستور تقرر اعلان نتيجة الانتخابات بشكل تدريجي في اليوم التالي للانتخابات.والبيان الثاني، كان يتضمن اعلان قرار وزارة الداخلية الاستفادة من الحرس الثوري وقوى الباسيج (التعبئة الشعبية) الى جانب قوات الشرطة لحفظ امن الانتخابات، وهو قرار لم يسبق من قبل وجاء اثر اشتباكات حصلت بين قوات من الشرطة وقوات من الباسيج في منطقة هفت تير وسط مدينة طهران، بعد ان اقدم عدد من اعضاء الباسيج على ايجاد حواجز وتفتيش السيارات وايجاد ازدحام في السير مساء الثلاثاء دون التنسيق مع قوات الشرطة.مكتب المرشد
إلى ذلك، قدم علي اكبر نوري رئيس قسم التفتيش في مكتب المرشد استقالته، أمس، اثر تعرضه لضغوط شديدة بعد اعلان دعمه للرئيس روحاني في الانتخابات. وأكد مصدر في مكتب المرشد لـ»الجريدة» ان خامنئي دعا جميع اعضائه الى جلسة خاصة منذ نحو 3 أشهر، وشدد على ضرورة عدم اعلان دعمهم لاي مرشح، إذ ان هذا الدعم ممكن ان ينسب الى المرشد، لكن نوري تخلف عن هذا القرار، وعليه فقد طلب منه تقديم استقالته.ونوري كان رئيس مجلس الشورى منذ عام 1992 حتى عام 2000 ومرشح الاصوليين الذي نافس محمد خاتمي لانتخابات رئاسة الجمهورية عام 1997.نتيجة غامضة
ورغم أن الصمت الانتخابي بدأ رسميا منذ الساعة الثامنة أمس فإن المتنافسين الأساسيين لم يلتزما به في وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لهما وتابعا مناظراتهما. وفي ظل هذه الظروف فان المنافسة ما زالت محتدمة بين الجانبين لكسب الاصوات الرمادية (المترددون ) والاصوات الخافتة (المقاطعون). وجميع الاحصاءات مازالت تشير الى ان نسبة الاصوات بين الجانبين متقاربة بشدة، وحسم الموقف متوقف على الرماديين والخافتين.ورغم أن الجهات السياسية كانت تضغط على «هاشمي طبا» و»مير سليم» للانسحاب من المعركة الانتخابية كي يتم الانتهاء من الانتخابات بدورة واحدة، فإنهما لم ينسحبا وأصدرت وزارة الداخلية بيانا يتضمن اسم اربعة مرشحين في الانتخابات والمرشح الذي يفوز بنسبة 50 في المئة+ صوت يمكنه الفوز في الجولة الاولى، وإلا فإن الانتخابات سوف تنتقل الى دورة ثانية.