المرأة بلا ولي!
توجت مسيرة المرأة السعودية بقرار الملك الأخير «تمكين المرأة بلا ولي»، فقد مرت المرأة بصعاب شتى حتى نالت هذا الحق، وأول الصعاب كان تحريرها من أغلال الجهل، الذي انتهى في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز عندما سمح لها بالتعليم في المدارس سنة 1956 ، فهاج المحافظون ينددون بالقرار وأنه مدعاة لخروجها من بيتها، فما كان من حكمته إلا أن قال: من أراد أن يعلم بناته فليفعل، ونحن لن نجبر أحداً على ذلك! ودارت السنون وأخذ المجتمع يتقبل تعليم المرأة، لنصل اليوم إلى أن أكثر من نصف خريجي الجامعة من النساء، ومن المكاسب التي لم يتخيلها أحد تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى بقرار من الملك عبدالله سنة 2013 ، وتبعه بسنتين السماح للمرأة بالمشاركة في انتخابات البلدية، وقد شاركن ترشحاً وانتخاباً، الأمر الذي يسجل كحدث تاريخي يضاف إلى رصيد المناضلات، واستمرت المكتسبات بقانون «العنف المنزلي» الذي يحمي المعنفات من بطش الرجال.
وشجعت المملكة المواطنات على العمل، فألغت عبارات من قانون العمل «المناسبة لطبيعتهن» حتى يتمكنّ من الانخراط في مجالات عديدة، مع عدم الحاجة إلى تصريح من ولي الأمر، فضلاً عن دعم حكومي محفز لأرباب الشركات لتوظيف المواطنات، وآخر المكاسب كان قراراً ملكياً فخماً بـ»تمكين المرأة بلا ولي»، الخبر الداعي إلى حفظ حقوقها من تسلط الرجل على إرادتها.وللأمانة ما حققته المرأة السعودية من مكتسبات في ظرف 50 عاما يعد سابقة على جميع الصعد، فهي ترعرعت بين رياح التيارات الدينية، وعواصف الفتاوى، وتحمل فخر بلاد الحرمين الشريفين، فليس من السهل أن تتكسر أمواج التغيير إلا على صخور أبت الاستسلام للواقع: «إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ»، بل حاربن الظلام بنور العلم، واستمسكن بحبل الصبر «إنما النصر صبر ساعة»، فصبرن على تراث متخم بالخوف من التغيير فانتصرن، وها هن يحتفلن بتضحيات من سبقنهن لتحيا أجيال الأمل بعزة وكرامة وحرية!