استكملت السعودية استعداداتها لاستقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي غادر واشنطن متوجهاً الى المملكة، حيث سيشارك في 3 قمم تاريخية، تجمعه مع القيادة السعودية، وزعماء مجلس التعاون الخليجي، وزعماء العالمين العربي والإسلامي.

واختيار الرئيس الأميركي، ان تكون السعودية المحطة لجولته الخارجية الاولى، قبل زيارة إسرائيل ثم الفاتيكان، يهدف بحسب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الى إعادة الولايات المتحدة الى موقعها الطبيعي على الساحة الدولية.

Ad

وقال تيلرسون في مؤتمر صحافي مساء أمس الأول، ان حكومات الشرق الاوسط وآسيا وافريقيا تضررت من «الاهمال والرفض التام» لمخاوفها في ظل الادارة الاميركية السابقة، موضحا أن تلك الحكومات «مستعدة لإعادة الحوار مع اميركا... وهذا هو هدف هذه الزيارة، اي التعبير عن رسالة ان أميركا عادت».

وأوضح انه في ظل رئاسة ترامب فإن الولايات المتحدة ستعمل مرة اخرى كوسيط لتوحيد وقيادة الدول الصديقة في الحرب ضد «الارهاب العالمي».

وأكد الوزير، الذي سيرافق ترامب في جولته «هذه ليست حربا بين الاديان، وليست حربا بين الثقافات، إنها حرب بين الخير والشر».

وأضاف «أن الخير الكامن في الاشخاص من جميع الاديان سيسود على هذا الشر، وهذه هي الرسالة التي يحملها الرئيس (...) وسيجمع الناس في العالم لمواجهة هذا الشر أينما ظهر، وهناك ترقب كبير إزاء هذه القيادة».

من جهته، صرح وزير الامن الداخلي جون كيلي في وزارة الخارجية «لقد عدت للتو من رحلة الى الاردن والسعودية، وهم يتطلعون في ذلك الجزء من العالم الى وصول الرئيس».

القمة الأولى

وسيلتقي الرئيس ترامب اليوم، العاهل السعودي، الملك سليمان بن عبدالعزيز، حيث سيجريان جولة من المباحثات. ويجري الرئيس الأميركي أيضا لقاءات ثنائية، مع ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع. وبعدها يوقع الرئيس على سلسلة من الاتفاقات الاقتصادية التي تعزز التعاون الاقتصادي والامني بين البلدين حسب ما جاء في بيان أميركي.

وفي المساء، سيتناول ترامب والسيدة الأميركية الاولى ميلانيا ترامب العشاء مع افراد العائلة السعودية الملكية.

وغدا يلتقي ترامب زعماء مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمهم سمو امير الكويت الشيخ صباح الأحمد، قبل ان يجتمع الأحد مع زعماء وممثلين عن أكثر من 50 دولة عربية إسلامية، بينهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، والمصري عبدالفتاح السيسي، في حين ستكون إيران الغائب الأكبر عن الحدث. وسيلقي ترامب خطابا موجها الى المسلمين حول «ضرورة مواجهة الإيديولوجيات المتشددة» وتطلعاته «نحو رؤية سلمية للإسلام».

مباحثات واتفاقات

وأعلن وزير الثقافة والإعلام السعودي، عواد بن صالح العواد، أن أكثر من 500 إعلامي من جميع أنحاء العالم سيقومون بتغطية القمم الثلاث، مضيفا أن «اختيار الرئيس ترامب للمملكة كأول محطة خارجية له منذ توليه منصبه نابع من إدراكه للمكانة الإسلامية للسعودية، وأهميتها الدولية وقيمتها كحليف استراتيجي للولايات المتحدة»، مشيرا إلى أن «الزيارة تعد دليلاً على الاحترام الكبير للعلاقة الخاصة التي تجمع البلدين الصديقين والممتدة لأكثر من ثمانية عقود».

وأوضح أنه من المتوقع ان يعمق لقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز وترامب التفاهم في الجوانب السياسية والتجارية والأمنية بين البلدين، كما يتوقع أيضا أن يتم وضع الصيغة النهائية للاتفاقيات الثنائية التي ستقود النمو الاقتصادي والاستثمار وتسهم في إيجاد آفاق جديدة للشراكة بين البلدين.

وأشار العواد إلى أن المملكة بوصفها قبلة المسلمين التي انطلق منها الدين الإسلامي دعت قادة أكثر من 50 دولة إسلامية لحضور هذه الاجتماعات في الرياض للتحّرك يداً بيد مع الولايات المتحدة لمواجهة خطر الإرهاب والتطرف، والتأكيد على أن الإسلام بريء من الإرهاب بكل أشكاله. وقال وزير الاعلام السعودي: «يحدونا الأمل أن يشكل هذا الحدث التاريخي خطوة مهمة في طريق القضاء على الإرهاب الذي تُعانيه شعوب الأرض بلا استثناء».

ريادة المملكة

وتسعى المملكة الى تعزيز نفوذها الاقليمي على حساب إيران، خصمها اللدود في منطقة الشرق الاوسط، مع استضافتها هذا التجمع التاريخي. ويقول الباحث في معهد «المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية» آدم بارون ان استضافة القمة العربية الاسلامية الاميركية «مؤشر على الريادة الاقليمية للسعودية»، والغرض منه اظهار مدى قدرة المملكة السنية على جمع قادة مسلمين تحت سقف واحد، مع ترامب.

ومن سلطنة بروناي في جنوب شرق آسيا، الى النيجر في افريقيا، وصولا الى تركيا، دعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قادة وممثلين عن 55 دولة عربية ومسلمة لحضور القمة مع الرئيس الأميركي.

وفي مؤشر على الاهمية التي توليها المملكة لزيارة الرئيس الاميركي، أطلقت الرياض موقعا إلكترونيا خاصا بالزيارة التي وصفتها بـ»الحدث التاريخي». ويتصدر صفحة الموقع عد تنازلي باليوم والساعة والدقيقة والثانية لوصول ترامب الى المملكة، مرفقا بعبارة «القمة العربية الاسلامية الاميركية - قمة تاريخية لغد مشرق».

بعد سنوات من الفتور في ظل ادارة باراك اوباما على خلفية الاتفاق النووي مع طهران، وجدت دول الخليج في ترامب حليفا تعيد معه بناء العلاقة التاريخية مع واشنطن.

ويتوقع محللون ان تهيمن ايران، التي نظمت أمس انتخابات رئاسية، على لقاءات ترامب والمسؤولين السعوديين، واجتماعات غد بين الرئيس الاميركي وقادة دول الخليج والدول الاخرى.

وقال سلمان الانصاري، رئيس لجنة العلاقات العامة السعودية الاميركية المعروفة باسم «سابراك»، ان القمة العربية الاسلامية الاميركية «تحمل رسالة واضحة للنظام الايراني المتشدد مفادها انه سيكون هناك تفاهم كامل واتفاق شامل بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والاسلامي».

ويرى اندرياس كريغ، الباحث في مجال الدفاع في كلية كينغز بلندن، ان الملك سلمان يسعى الى الاستعانة بالولايات المتحدة لتشكيل «تحالف إسلامي بقيادة سعودية ضد الفكر المتطرف، وضد ايران».

والقمة جزء من استراتيجية أميركية لدفع العالم الاسلامي الى التحرك ضد المتطرفين السُّنة في تنظيم الدولة الاسلامية، وضد الجماعات المسلحة الشيعية المدعومة من إيران وعلى رأسها «حزب الله» في لبنان، بحسب ما يرى مصطفى العاني من مركز الخليج للأبحاث.

ويوضح المحلل «انها استراتيجية مهمة لأنها قد تترجم باجراءات على الارض وبمساهمات مالية ومشاركات عسكرية وتبادل للمعلومات الاستخباراتية». ويقول العاني ان ادارة ترامب تعي ان السعودية «قوة اقليمية كبرى»، ومن الضرورة طلب مساعدتها في احتواء إيران ومحاربة «الإرهاب».