بعد فتح تحقيق حول الجنرال الأوزبكي عبدالرشيد دوستم بتهمة اصدار أوامر باغتصاب أحد خصومه السياسيين قرر زعيم الحرب الأفغاني السابق مغادرة البلاد إلى تركيا ما يقضي على أي أمل باحقاق العدالة في هذه القضية.

رسمياً، أعلن بشير أحمد تاياني المتحدث باسم دوستم أن «النائب الأول لرئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية الجنرال عبدالرشيد دوستم زعيم حزب الحركة القومية توجه الخميس إلى تركيا لاجراء فحوص طبية وزيارة عائلته».

Ad

وأكد بيان السبت أن دوستم «سيعود إلى أفغانستان بعد انتهاء الفحوص الطبية».

وسعى دوستم إلى طمأنة مؤيديه، مؤكداً كما نقل عنه البيان «أقف إلى جانب شعبي.. إن تدهور الأمن في البلاد يقلقني».

يزور الجنرال المثير للجدل باستمرار تركيا حيث يقيم أقرباؤه للعلاج من مشاكل الكحول والسكري التي يعاني منها.

وتعذر الاتصال بالسلطات الأفغانية وضمنها القصر الرئاسي السبت.

ودوستم الذي يرتبط اسمه بسلسلة من الجرائم، متهم بأنه أمر حارسه الشخصي بخطف خصمه أحمد ايشكي وهو حاكم سابق، خلال لعبة «بوزكاشي» التقليدية التي تستخدم فيها الخيل ويتنافس المشاركون فيها على ذبيحة ماعز، في ولاية جوزجان الشمالية.

وتم احتجاز ايشكي خمسة أيام في مزرعة دوستم الذي أمر حراسه بتعذيبه ثم اغتصابه، بحسب الاتهامات.

وكانت وزارة العدل تعهدت آنذاك فتح «تحقيق غير منحاز وشفاف حول هذه الوقائع».

وأمر المدعي العام بتوقيف تسعة من الحراس الشخصيين لدوستم سلموا أنفسهم في نهاية المطاف في مقره ليبرروا موقفهم لكن دون نتيجة.

ورغم سجله السيء في حقوق الإنسان، تمت دعوة دوستم للانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية العام 2014 في محاولة من الرئيس أشرف غني لاستقطاب تأييد منطقته الانتخابية التي يهيمن عليها الأوزبك.

وأثارت القضية احراجاً كبيراً للرئيس أشرف غني لأن دوستم يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية في حكومة توازنها هش ودقيق، واضطر غني بعد استنكار مسؤولين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا إلى الرضوخ لضرورة فتح تحقيق في القضية.

في فبراير، طوق الجيش مجمع دوستم الضخم في قبل كابول لمنعه من الفرار إلى معقله في الشمال في إقليم جوزجان.

لكن الشكوك تساور العديد من المراقبين في البلاد بأن يفضي التحقيق إلى نتيجة فعلية.

تصفية

يقول مراقب غربي أن دوستم «سيعود دون ضجيج بعد بضعة أشهر»، مشيراً إلى أن «الأمر يتعلق فقط بـ +قضية اغتصاب+ بينما هناك آلاف جرائم القتل التي يرتكبها زعماء الحرب في البلاد».

وسبق أن اتهم دوستم العام 2008 باغتصاب غريم سياسي وقتله وغادر البلاد آنذاك إلى تركيا ليعود بعد عام بناء على طلب من الرئيس حميد كرزاي.

إلا أن دوستم متهم أيضاً بتصفية ألفي عنصر على الأقل من حركة طالبان خنقاً داخل مستوعبات أو قتلاً بأيدي حراسه.

ويأتي رحيل دوستم الذي لم يظهر علناً منذ يناير، بعد اسبوعين على عودة زعيم الحرب الآخر قلب الدين حكمتيار مع حراسه المسلحين إلى كابول بعد 20 عاماً في المنفى.

يسيطر دوستم على شمال البلاد بقبضة من حديد لكنه يغادرها هذه المرة بينما يحقق خصومه متمردو طالبان تقدماً وتواجه ولايته جوزجان تهديد مقاتلين مرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية.

وأوضح علي محمد مدير مركز الدارسات والتحليلات السياسية حول أفغانستان «أنهم من الحركة الإسلامية لأوزبكستان أعلنوا ولاءهم لتنظيم الدولة الإسلامية وحافظوا في الوقت نفسه على بنيتهم الهيكلية».

وتابع محمد لوكالة فرانس برس مؤخراً «ازاء هؤلاء، فإن دوستم خاسر لم تعد لديه وسائل للدفاع عن نفسه».

تبرز قضية الاغتصاب مدى وحشية زعماء الحرب السابقين في افغانستان وافلاتهم من العقاب بينما يتولون مناصب كبرى.

ونددت باتريسيا غروسمان الباحثة لدى منظمة «هيومن رايتس ووتش» في المنطقة بـ «مثال فاضح على ما بات أمراً عادياً في أفغانستان، ليس فقط بالنسبة إلى دوستم بل كل المسؤولين في السلطة»، مضيفة «بعد الوعود باحقاق العدالة، الحكومة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها».