ماذا يريد الرئيس ترامب؟
لا بد من بدء اتصالات جدية مع إيران، والتفاوض على كل أمور الاختلاف وحل كل القضايا المعلقة التي بدأت تأكل من قوة وثروة إيران والعرب، لا تعطوا وعودا للرئيس ترامب تؤدي إلى المزيد من المصائب.
تصريحات الرئيس ترامب قبل الانتخابات وبعدها تبين أنه يمارس السياسة بعقلية التاجر والمليونير صاحب الصفقات الكبيرة، وأنه متمرس في ليّ الأذرع والضغط بكل الوسائل للوصول إلى ما يريد، وتصريحاته السابقة توهم السامع أنه لا يعلم بما دفعته الكويت والسعودية وكل دول الخليج النفطية منذ اكتشاف النفط حتى الآن للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها وبالذات بريطانيا، ليس من أجل تحرير الكويت فقط إنما في كل عمل أو ممارسة أي نشاط لدول الخليج في حياتها. لا أعتقد أنه لا يعلم، وكل رئيس يأتي تفتح له كل الملفات، ويعرف كل صغيرة وكبيرة في علاقة بلاده بالدول الأخرى، لكنه استخدم تلك اللغة لأنه يتطلع إلى تحقيق المزيد في فترة حكمه سواء بالإقناع أو بليّ الذراع أو بخلق الفرص والأوضاع التي تمكنه من جلب المزيد من المنافع لحكومته وللشركات الرئيسة التي يتحكم فيها، أو تتحكم فيها حكومته وغيرها من الشركات الخاصة المؤثرة.نتوقع وفي ظل حكوماتنا الحالية أنها ستحقق للضيف كل ما يريد، وسنريه أننا أحفاد حاتم الطائي الذي بلغ من كرمه ذبح ناقته الوحيدة لإرضاء ضيوفه، وسنقدم له المزيد من طلبات السلاح والقواعد وكل ما نحتاجه للبقاء بجوارنا وبين ربوعنا حتى لو رهنا نفطنا تحت الأرض لإرضائه.
لكن الخشية الكبرى ألا يكتفي الضيف هذه المرة بالناقة أو طلبات السلاح وغيرها، وإنما المطالبة بما هو أسوأ وما قد يسبب كارثة في الوطن العربي كله لو حتى سايرناه أو وعدناه بالنظر في مطلبه، وأقصد هنا طلبه التطبيع الكامل مع إسرائيل وبناء تحالف معها بحجة وقف إيران عن تهديد دول الخليج. فالرئيس سيواصل رحلته من السعودية ولقاء قادة الخليج إلى إسرائيل ولقاء قادة إسرائيل، وهم ينتظرون منه أن يفعل ما عجز عنه كل الرؤساء السابقين بعد الوعود والتعهدات التي منحها لإسرائيل أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة وقبلها، وقد طرحوا أنفسهم حلفاء لدول الخليج ضد إيران زيفا وكذبا، ويتوقعون من الرئيس ترامب إعلان موافقة دول الخليج على هذا.ماذا سيفعل قادتنا لو صارحهم بهذا الطلب؟ أضعف الإيمان يقول إنهم سيعدونه خيراً وإنهم سيكملون طريقا سهلا من خلال المشاركة مع إسرائيل في المنظمات الدولية والإقليمية حتى لا تثور عليهم شعوبهم، وقد يتجرؤون فيطلبون ضغطه على إسرائيل من أجل القبول بدولة فلسطينية على الضفة الغربية وغزة، لكنهم سيصدمون لو أصر الرئيس على التطبيع الآن. وأعتقد أن موقفهم من هذا سيحدد مصير المنطقة كلها، لا خوفا من إيران لأنها تخضع للضغوط نفسها، لكنها تملك قوة تفاوضية أفصل مما عندنا، ولكن شعوب الأمة العربية وكل منظماتها ستشعل مرحلة عنف لا قبل لنا بها، وإن بدأت فلا أحد يستطيع إيقافها.حجة مواجهة إيران يجب أن تتوقف، ففي إيران شعب أهلكته الحروب، واستشهد منهم مئات الآلاف، وعقلاء إيران يعلمون أهداف ونوايا الصهيونية في تمزيق الشرق الأوسط من أجل قيام إسرائيل الكبرى، والاعتقاد أن حلفاء إسرائيل سيتركون إيران تتوسع على حساب خطة التقسيم وهمٌ كبير في إيران، ما عدا العملاء وتجار السلاح من أمثال البعض عندنا الذين يتربحون من الحروب، فهم يدركون هذه الحقيقة ويرون أن اتفاقا بين العرب وإيران يقوم على أساس رخاء شعوبهم وتنمية بلادهم هو الحل الأمثل للجميع. لذلك لا بد من بدء اتصالات جدية مع إيران، والتفاوض على كل أمور الاختلاف وحل كل القضايا المعلقة التي بدأت تأكل من قوة وثروة إيران والعرب، لا تعطوا وعودا للرئيس ترامب تؤدي إلى المزيد من المصائب لكن قولوا له إننا سنتفاهم مع إيران، وإن من مصلحة الجميع إحلال السلام في الشرق الأوسط. هل نرى شيئا من هذا في الاجتماع المنتظر؟