رياح وأوتاد: «قروب الفنطاس» ليس وحده المسؤول
نحن في التجمع الإسلامي السلفي لم نصدق الأشرطة والبيانات، وكان ردنا صريحا وواضحا منذ البداية أننا لن نصدق ولن نبني موقفا أو عملا حتى يتأكد رسميا من صحة هذه الاتهامات، وليس في موقفنا هذا قراءة للغيب أو عبقرية تفوق أقراننا ولكننا طبقنا بسهولة الشريعة الإسلامية التي نصت على التبين من الأخبار قبل تصديقها.
تمت إدانة "قروب الفنطاس" بحكم نهائي باتّ بتهم تزوير وتركيب أحد الأشرطة التي كادت تؤدي إلى زعزعة النظام في البلاد، والآن يحق لنا أن نقف عند هذا الموضوع بعد انتهائه لبعض التأمل؟ لنراجع أولاً بعض الأحداث السابقة، ولنتذكر كيف طارت بعض الجماعات السياسية وبعض الرموز السياسية بأشرطة وبيانات تتهم رجال القضاء وغيرهم، فعقدوا الندوات في ساحة الإرادة وفي غيرها، جزموا فيها برشوة أعضاء المحكمة الدستورية، ومنهم من كتب في وسائل التواصل، يؤكد صحة الرشا المزعومة، ومنهم من صرح أن هناك المزيد، وعلى الشعب أن ينتظر، ومنهم من طالب بلجان تحقيق دولية من خارج البلاد للتحقيق بدلاً من هيئات التحقيق الكويتية لأنها أصبحت مشكوكا فيها "هكذا بالفعل". وصدقهم كثير من عموم الناس، فنشروا الأشرطة والبيانات، وعمّت فوضى أخلاقية في المجتمع الكويتي قوامها القيل والقال والطعن أو الشك في ذمم أناس معروفين، وتناولتهم صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بالأسماء؛ "مواقع تزعم الدفاع عن كرامة الوطن"، ولنا أن نتخيل مدى الأذى النفسي الذي عانوه وأسرهم خلال تلك الفترة، وبعد فترة تم إثبات عدم صحة الأشرطة والبيانات بأحكام قضائية وإثبات خبراء عالميين، وأضيف لها الآن حكم "قروب الفنطاس".
نحن في التجمع الإسلامي السلفي لم نصدق الأشرطة والبيانات، وكان ردنا صريحا وواضحا منذ البداية أننا لن نصدق ولن نبني موقفا أو عملا حتى يتأكد رسميا من صحة هذه الاتهامات، وليس في موقفنا هذا قراءة للغيب أو عبقرية تفوق أقراننا ولكننا طبقنا بسهولة الشريعة الإسلامية التي طالما نصحنا وطالبنا بها، والتي نصت على التبين من الأخبار قبل تصديقها، وأن رواية المجهول لا يؤخذ بها شرعا، وأن الأصل في أي إنسان البراءة حتى تثبت إدانته. هذه المبادئ السهلة الواضحة سقط فيها كثير من الساسة والجماعات السياسية حتى بعض الإسلاميين منهم وللأسف الذين صدقوا ونشروا، فخالفوا الشرع والعقل. وليس هذا فقط، فالمشكلة أكبر من هذا بكثير، إذ لا يزال من سقط في هذه الفتنة دون عقاب اجتماعي أو على الأقل لوم واستنكار من المجتمع الذي كادوا أن يودوا به إلى المجهول لولا حفظ الله تعالى. إن المجتمعات الحية تعتبر مثل هذه السقطات أخطاء قاتلة للسياسيين وأحزابهم، وتتخذ مواقف حازمة ممن تولاها ونشرها، أفلا يحق لنا الآن أن نسأل بأمانة وتجرد هل مجتمعنا حيٌّ مثلهم؟