في الوقت الذي يستمر فيه المجلس الأعلى للقضاء على سياسته بقصر تعيين القضاة عن طريق النيابة العامة، برغم سماح قانون تنظيم القضاء له بتعيين محامين أو قانونيين، لم يعد الآن أمام المجلس سبيل في تغطية النقص الشديد للقضاة إلا بطريقين، إما رفع عدد القضاة المعارين من الخارج، وإما إحالة عدد كبير من أعضاء النيابة إلى المحكمة الكلية، مع ضرورة رفع مدة التدريب لصقل أعضاء النيابة بمواد قانون المرافعات وإدارة الجلسات وكتابة الأحكام وتسبيبها.وتستلزم إحالة عدد كبير من أعضاء النيابة الى القضاء لتغطية النقص الشديد الذي تعانيه الدوائر القضائية في المحاكم معها تخفيض المدد البينية لأعضاء النيابة، على أن تكون 4 سنوات بين كل مدة بينية وأخرى، بدلا من 5، وهي مدة كبيرة جدا لتعيين عضو النيابة قاضيا، بل وكبيرة جدا لحصوله على درجة مستشار، والتي سيصل فيها عمره الى 52 عاما، بينما حصل على درجة مستشار آخرون قبل 15 عاما تقريبا، عندما بلغوا سن 37 عاما تقريبا، وحينها كانت المدد البينية 3 سنوات، ثم أصبحت 4، ثم أخيرا 5.
وأصبح تقليص المدد البينية مطلبا حقيقيا سيعمل لو تحقق على إحالة كثيرين من أعضاء النيابة الى القضاء، وسيعمل ذلك على تخفيف ضغط عمل الدوائر القضائية التي أصبح فيها معدل الفصل السنوي بين 1500 و1700 قضية في السنة للقاضي الواحد، وهو معدل كبير يضعف من جودة الأحكام، ويقلل من فرص البحث والإبداع، ويجعل من القاضي موظفا يسابق الوقت لإنجاز ملفاته، لأن هناك المزيد ينتظره! وبقدر ما يمثل تقليص المدد البينية للترقيات حاجة حقيقية، يمثل أيضا استحقاقا لأعضاء النيابة العامة والقضاة ممن عينوا بعد صدور قرار مجلس القضاء برفع المدد البينية الى 5 سنوات، وهو قرار قد يمثل إخلالا بحق المساواة بين المراكز القانونية لرجال القضاء، فمنهم من تدرج بين كل مدة بينية بـ3 سنوات والآخر تدرج بـ4 سنوات وآخرون بـ5 سنوات!
مقالات
مرافعة : نقص القضاة والمدد البينية!
23-05-2017