سيبقى وجه الشعر
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
في مجال النحت تقوم التكنولوجيا عبر أفضل البرامج بعمل التصاميم الساحرة على شاشة حاسوب آلي صغير، ويتم تحميلها في روبوت، ليقوم بدوره بتجسيد ذلك التصميم على قطعة صخر أو معدن بدقة متناهية، وفي وقت قياسي يصعب على نحات بشري أن يكسره.وفي مجال الرسم، استطاعت التكنولوجيا أن تجعلنا نأسف على ما أُفني من أعمار كل كبار الرسامين والفنانين التشكيليين، وما ضاع من جهدهم، وما استنزف من عرقهم، وما تلطخ بالألوان من ملابسهم في إنتاج لوحات أصبح بالإمكان إنتاجها بضغطة زر من جهاز صغير وبالأبعاد الثلاثية، إن أردت.وفي الموسيقى، أصبحت الأجهزة قادرة على التأليف الموسيقي وكتابة النوتة الموسيقية والعزف دون الحاجة لبني البشر، بل إن العاملين في مجال الموسيقى لم يعد بإمكانهم إنتاج إبداعهم الخاص دون أن تمد لهم التكنولوجيا يد المساعدة، وإلا أصبح نتاجهم بدائيا لا يرقى إلى درجة الإبهار. وتدخلت التكنولوجيا وبرامجها حتى في أصوات المغنين، وجعلت الرديء منها أشبه بصوت الكروان، وحتى الرقص لم يكن بمنأى عن تدخل البرامج الإلكترونية، إما من خلال تجسيد شخصيات كرتونية تؤدي أصعب الحركات الإيقاعية، والتي يعجز عن أدائها أبرع الراقصين، أو حتى من خلال ابتكار روبوت آلي يقوم ببعض الحركات الاستعراضية الراقصة. أما السينما، فلم يكن من المقدر لها أن تكون، لو أن الآلة وعمرها مرهون بها، وتطورها محكوم بمدى التطور التكنولوجي وتسخيره في صالح ما ينتج على الشاشة.ورغم سطوة التكنولوجيا على سائر الفنون، والتي يتوقع لها أن تزيد، لدرجة أنها ستجعل قسما كبيرا من مبدعيها على الرف، لكنها لم تستطع أن تكتب شطرا من قصيدة أو تصنع شاعرا الكترونيا، وسيبقى الشعر هو الفن الإنساني الخالص الوحيد من بين كل الفنون، ففي البدء كانت الكلمة، وستبقى هي قول الفصل.