في عالم 2009 خطب الرئيس السابق للولايات المتحدة السيد باراك أوباما في جامعة القاهرة متحدثاً عن أهمية مواجهة التطرّف والإرهاب، حيث تطرق إلى ما تعرضت له أميركا من عمل إرهابي في الحادي عشر من سبتمبر، قامت به مجموعة متطرفة لا تمتّ بشيء إلى الإسلام سوى الهوية، وأن هذا العمل لن يؤثر سلبا في المواطنين المسلمين لأنهم جزء من الحضارة الأميركية، ثم انتقل بالحديث عن سبل تنمية التعاون المشترك بين الولايات المتحدة والعرب وعلاقة أميركا الحميمة مع إسرائيل، حيث أكد حقها في إنشاء دولتها وأهمية التحاور والجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل المشاكل العالقة بين الطرفين.ثم تحدث بذكائه الخبيث عن حق الشعب الفلسطيني في العيش بعد طول المعاناة التي عاشها طيلة الستين سنة الماضية دون أن يضع الحلول أو خطة عمل، كما أنه حاول أن يقدم الولايات المتحدة على أنها الحمل الوديع، وأن ليس لها نوايا توسعية، مدللاً على ذلك بأن أميركا تركت العراق ليدير شؤونه بنفسه.
الرئيس أوباما بهذه الخطبة عرف كيف يدس السم في العسل، فتارة يستشهد بآية قرآنية وتارة أخرى يتحدث عن الحرية وحق الشعوب في إدارة شؤونها، وأن موضوع الحريات يأتي في مقدمة أولوياته، وأنه يسعى إلى تطبيقها على أرض الواقع، وقد نجح في ذلك، فقد صنع ربيعاً جاء على الأخضر واليابس، فمن صنع «القاعدة» حصد «داعش». على الأقل الرئيس ترامب كان أكثر وضوحاً من سلفه لأنه قدم مصالح الأميركيين على ما سواها، وعلى العالم أن يدفع مقابل الأمن الذي يعيش فيه، لكنه زاد من حدة تهديده لمنطقة الخليج ووعدها بالزوال، وعليها أن تدفع إن أرادت البقاء. الحقيقة أن ترامب حصد ما زرعه أوباما، وأن خطة التطبيع مع الكيان الصهيوني لن تكون مفاجئة لأي متابع، والمنطقة مقبلة على تغييرات على مستوى السياسة الخارجية بعد أن استخدمت الإدارة الأميركية العصا والجزرة، فعلى العرب والخليجيين الحذر من وعود الرئيس ترامب، فهو صاحب مقولة «على دول الخليج أن تدفع 19 مليار دولار وأنه سيتحصل عليها».في النهاية الرئيس ترامب لم يأت بجديد، فخطاب مواجهة الإرهاب والقضاء على المتطرفين في سورية والعراق وليبيا مكرر، وسبقة الرئيس أوباما إليه، وفي نظري ونظر الكثيرين أن الرابح الحقيقي من كل ما يحدث اليوم في الوطن العربي هو الكيان الصهيوني، وأن أميركا لن تتخلى عنه، وستظل تصنع لنا كل يوم عدواً حتى يفرض علينا التطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني بالشروط التي تريدها إسرائيل، وفي مقدمتها طي ملف القضية الفلسطينية ونسيان الأقصى.على من يريد أن يعرف الموقف الأميركي من العرب أن يسترجع ما قاله الرئيس الراحل محمد أنور السادات عند قبوله شروط وقف حرب أكتوبر، حين قال إنه لم يكن يحارب إسرائيل بل كانت الحرب مع أميركا.ودمتم سالمين.
مقالات - اضافات
زرع أوباما فحصد ترامب
26-05-2017