"قلب المرأة يرى أكثر من عيون عشرة رجال". ( مثل سويدي).أخصك في هذه الرسالة عزيزتي المرأة، فأنا امرأة أيضاً ونتشارك معاً القدر البيولوجي والاجتماعي، ولن أعيد عليك شريط "حقوق المرأة" المكرر، فقد قطعتِ شوطاً كبيراً في نيل أغلب حقوقك المدنية في الكويت، وفي دول الخليج ألحظ تقدماً في الدخول إلى مناطق كانت محظورة عليك قبل 20 عاماً. إذاً لماذا أكتب لك هذه الرسالة؟
أكتبها كي أحدثك عن ذلك الضغط الاجتماعي المقيت الذي تعرضتِ إليه منذ أول يوم في حياتك كأنثى، ويتبعك حتى الممات، تلك التوقعات الاجتماعية التي تقنن حقوقك المدنية وتنغص عليك متعة الحياة، فمنذ الطفولة تبدئين بملاحظة الفروق بينك وبين إخوتك الذكور، فلهم الحق في القفز على الأريكة والتعبير عن براءة الطفولة بالحركة والصوت، في حين يجب عليك الالتزام بالهدوء والجلوس بطريقة لائقة وأنت ما زلت طفلة تلهو. وتزداد تلك الفروق تمايزاً وشخوصاً كلما كبرتِ، مما يجعلك تتمنين العودة إلى زمن الطفولة أحيانا، فلهم حق الخروج مساءً ولهم صلاحيات وحريات أكبر منك بكثير، حتى في اختيارهم الشخصي لملابسهم الحرة والمريحة. نعم أعلم أن تلك "القوانين" وجدت لمصلحتك وللحفاظ على سلامتك... ولكن! تبدأ الأنوثة بالاستحالة في عينيك من عفوية ورقّة طبيعية إلى سجن من التوقعات الاجتماعية التي تقنن شخصك في طريقة كلام ولباس وتحرك معينة، تكون أضيق بكثير من دائرة الآداب المحمودة والمرجوة من جميع أفراد المجتمع.تستمر تلك الضغوط بالتدفق بشكل يومي، فالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي يضعان الأنوثة في قالب استهلاكي محدود يقتات على بقع الشك في ذاتك، هدفه إشعارك بأنك لست جميلة وجيدة بما يكفي، كي تلجئي إلى المزيد من المشتريات ومصاحبة المشارط الجراحية بكل أسف. ووسط كل هذه المؤثرات والعوامل لا عجب أنك قد تلجئين إلى سلوكيات مختلفة كمحاولات للتعايش، فقد ترتدين رداء الصلابة والخشونة في تعاملك تارةً، وكيف لا وهو الرداء المفضل في مجتمعاتنا الذكورية؟ أو قد تكون لكِ ردة فعل معاكسة فتنغمسين تماماً في عالم الموضة والتجميل وموجة "الدلع" المصطنع رغبة منك في الحصول على القبول والاهتمام.الأنوثة أعمق من ذلك بكثير... لا تسعها بضع كلمات تعريفية في مقال، لكن يسعنا القول إن الأنوثة حالة وجدانية عميقة، هي بذرة الحياة وهي ذلك العطاء السخي الذي يجعل الأشياء حولنا تنمو، أنتِ لست نسخة منقوصة من الرجل، فلا تكتفي بالإشارة إليك في دور الأم، والأخت، والابنة... فأنت كل ذلك دون شك، ولكنك الذات المتفردة أولاً.
مقالات - اضافات
إلى المرأة
26-05-2017