أصدرت السلطات المغربية قراراً بإلقاء القبض على زعيم الحركة الاحتجاجية التي تهز منذ 6 أشهر منطقة الحسيمة الريفية، ناصر الزفزافي، لتهجمه على إمام مسجد أثناء إلقائه خطبة الجمعة.وقال وزير الشؤون الإسلامية أحمد توفيق، إن الزفزافي «أثار بلبلة أثناء الصلاة، وأهان خطيب مسجد محمد الخامس»، وندد توفيق الذي كان أعلن خطأ توقيف الزفزافي يوم الجمعة بـ«عمل غير مسبوق وجريمة خطيرة».
وجاء في بيان رسمي للوكيل العام بالحسيمة أنه أصدر أمراً بإلقاء القبض على الزفزافي «إثر إقدامه بمعية مجموعة من الأشخاص أثناء وجودهم داخل مسجد محمد الخامس، على عرقلة حرية العبادات وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة».وأظهر تسجيل فيديو تم على هاتف محمول ونشر على فيسبوك الزفزافي وهو يهاجم الإمام وينعته بالكاذب،وهتف في التسجيل «هذه المساجد لله أم للدولة، الإمام جاء ليغتصب أمهاتنا ونساءنا ولمحاصرة شبابنا واعتقالهم باسم الدين والدين بريء من هذا».وأضاف «يقولون لنا الفتنة، هناك شباب لا يجدون قوت يومهم، وهناك شباب هجروا خارج البلد»، مضيفاً «الفتنة هي مهرجان الموسيقى موازين، الفتنة هي الأجساد العارية التي تبث على قنوات الدولة التي تتكلم عن نفسها أنها دولة إسلامية».
إفلات وتحدّ
وكان يوم الجمعة شهد محاولة توقيف الزفزافي وإعلان اعتقاله خطأ، ثم وقوع مواجهات محدودة بين محتجين وقوات الأمن المنتشرة في الحسيمة، وروى أحد أقاربه أن عناصر الأمن حاولوا بالفعل اعتقال الزفزافي لدى خروجه من المسجد، لكنه تمكن من الإفلات منهم.وبعدها ظهر الزفزافي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في بث مباشر من على سطح منزله محاطاً بحشد من أنصاره، وقال: «لست خائفاً، إذا لأرادوا اعتقالي فليأتوا»، قبل أن يهاجم السلطات بعنف.وأكد مصدر مأذون له في وزارة الداخلية أن الزفزافي لم يعتقل، وأن قوات الأمن تعرضت للرشق بالحجارة.وتظاهرت مجموعات من الشباب في عدة مناطق من المدينة البالغ عدد سكانها 56 ألف نسمة وانتشرت فيها قوات الأمن بشكل كبير.وأشارت وكالة أنباء المغرب الرسمية إلى وقوع «صدامات» بين متظاهرين وعناصر من الشرطة، ما أوقع عدة جرحى «ثلاثة منهم في حالة الخطر» بين صفوف قوات الأمن، فيما تعرض مراسل لموقع «هسبرس» الإعلامي للضرب من قبل متظاهرين.وأورد مستخدمون مؤيديون للحركة الاحتجاجية على فيسبوك أن منزل الزفزافي تعرض للتفتيش من قبل الشرطة التي لم تتمكن من تحديد مكانه.وكان الزفزافي طالب الخميس الماضي بـ«ضمانات»، بعد أن تعهّدت الدولة بتنفيذ مشاريع لتنمية المنطقة، وقال: «الدولة المغربية لها خطاب مزدوج، بالأمس تتهم أهل الريف بالانفصال واليوم تجيء للتحدث معهم».وأضاف «مدة ستين عاماً والدولة المغربية تتحدث عن التنمية في المنطقة، نحن لا نثق في هذه الدولة اليوم».والاثنين الماضي تفقد وفد حكومي مغربي كبير مشاريع تنموية في الحسيمة بهدف «تسريعها»، وهو مطلب رئيسي للمحتجين الذين يتظاهرون منذ ستة أشهر.ويشهد إقليم الحسيمة في منطقة الريف تظاهرات منذ مصرع بائع سمك نهاية أكتوبر 2016 سحقاً داخل شاحنة نفايات. واتخذت الاحتجاجات مع الوقت طابعاً اجتماعياً وسياسياً للمطالبة بالتنمية في المنطقة التي يعتبر سكانها أنها مهمشة.وتسعى الحكومة منذ سنوات إلى احتواء الاستياء، وبادرت إلى عدد من الإعلانات المتعلقة بتنمية اقتصاد المنطقة، مرسلة وفوداً وزارية في الأشهر الستة الأخيرة، لكنها عجزت عن تهدئة الاحتجاجات.