ثقوب تتسع
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
في الوقت الذي نتمنى فيه أن تأتلف العقول المثقفة تقوم السياسة بتجديد فرقة هذه العقول التي تسارع إلى إظهار خطاب الكراهية. لا يمكن إنكار الكراهية بين مثقفي الخليج ومثقفي الشام ومصر والكراهية بين مثقفي مصر والسودان وصراع مثقفي المغرب العربي، لا يمكن لمتابع لا يخاتل نفسه أو يخدعها أن يتنكر لما يحدث.أزمة الدول العربية ليست أزمة حكومات، كما نحاول تصويرها لنذرّ الرماد في العيون، ولكنها صراع شعوب في المستوى الأول وسياسيين ومثقفين في المستوى الثاني. ولم تعد أزمة بين دولتين جارتين فقط، وإنما أزمة في داخل الوطن نفسه والذي يستعد للتمزق والانشطار لدويلات سيستمر تناحرها إلى الأبد. ليس خطاب الكراهية هذا خطابا جديدا نتيجة هذه الأزمات الأخيرة، فهو خطاب قديم أصبح اليوم أكثر وضوحا.لم نعد بحاجة إلى نزاعات جديدة، ولدينا ما يكفي منها، لم نعد بحاجة إلى صراعات ثقافية تسير في خطى السياسي وتنتهج خطابه الذي قد يتغير في أي لحظة، تاركا المثقف يقف وحيدا. لننظر مثلا في الخطاب الثقافي الذي استمر طوال حكم البعث في العراق وما خلفه من صراعات، وأصدر ما يكفي من أدبيات تسد عين الشمس. لم يعد من هذه الأدبيات ما يمكن تداوله اليوم أو اعتماده خطابا فكريا أو حتى تاريخا أدبيا. ما نحتاج إليه فعلا هو حوار كبير وعميق بين المثقفين العرب يتخلون فيه عن صراعهم المعلن والخفي.ليس من مصلحة دول الخليج العربي التي تسعى إلى الصمود في وجه التغيير المحتمل للشرق الأوسط، أن تبدأ صراعا جديدا وهي تواجه تحديات كبرى، وعلى مثقفيها أن يحاولوا في خطابهم معالجة هذا الصدع لا العمل على اتساعه.إن انهيار دول الخليج، شئنا أم أبينا، هو انهيار المنظومة العربية كاملة وانهيار مؤسساتنا الثقافية الوحيدة العاملة بكل طاقتها في ظل غياب العواصم الأخرى. فلم يعد لدينا القدرة على تحمل مزيد من الثقوب في الثوب العربي الممزق أصلا، ولم يعد لدينا القدرة على احتمال خسارات أخرى.