• إلى أي مدى يؤثر العمل التطوعي في بناء المجتمع لا سيما في شهر رمضان المبارك؟- العمل التطوعي يهدف في الأساس إلى بناء المجتمع وتعمير الأرض، ولذلك قال العلماء، إن الطاعة نوعان: طاعة لازمة وطاعة متعدية، فالطاعة اللازمة هي العبادة المحضة، التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى، أما الطاعة المتعدية فهي التي يعود نفعها إلى الآخرين، ولهذا فإنه حينما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتعدة فرائصه وخائفاً إلى السيدة خديجة رضي الله عنها، وهو يقول زملوني زملوني دثروني دثروني، وحكى لها ما رأى، قالت له: والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكَل(الجريح) وتُكسب المعدوم وتُعين على نوائب الدهر، فهنا مبررات عدم الخزلان هي الطاعة المتعدية أو النفع للآخرين، والرسول الكريم شارك قبل البعثة وهو شاب صغير في حلف الفضول، وهو حلف هدفه إعطاء الحق لصاحبه، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان له دور اجتماعي إصلاحي، ولذا عندما سُئل عمن أحب الناس إلى الله، قال : "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على قلب مسلم"، ولذلك عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد الهجرة وقف على ناقته وقال: "أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام"، وجميع هذه الطاعات متعدية، عدا الطاعة الأخيرة وهي الصلاة بالليل فهذه لازمة، فكأن الرسول الكريم يريد أن يقول، إن الأمة تستطيع أن تنهض بالطاعات المتعدية النافعة للمجتمع أكثر من الطاعات اللازمة، لكن لابد أن يكون هذا العمل التطوعي ابتغاء مرضاة الله.
• لكن هناك خلافاً في الرأي حول إعلان العمل التطوعي أو إبقائه في السر، فأيهما أفضل من الناحية الشرعية؟- قال ابن القيم: "وقد يكون إظهار الطاعة خيراً من إخفائها، إن قصد بهذا العمل أن يقتدي به الآخرون" فإذا كان هذا الشخص لا يقصد السمعة أو الرياء، فإظهار الطاعة هنا أفضل، ومن أمثلة ذلك الأعمال التطوعية الخاصة بالتبرع للمستشفيات ووحدات غسل الكلى وغيرها، حيث يؤدي الإعلان عن ذلك إلى حث الناس على زيادة حجم التبرعات، وهو ما يعود بالنفع على المرضى.• في ظل حالة الفوضى في الفتاوى، هل يجب قصر الفتوى على أهل الاختصاص أم ترك الباب مفتوحاً أمام الاجتهاد؟ - لا بد أن ترجع الفتوى لأهل الاختصاص، لأن من يقوم بالإفتاء يجب أن يكون عالماً بالفقه وأصوله وضوابط الفتوى، وهناك مادة خاصة بضوابط الفتوى نقوم بتدريسها للباحثين في درجتي الماجستير والدكتوراه ، لذلك لا يجوز التساهل في قضية الفتوى بهذه السهولة، فلابد من التخصص والتجرد لهذا العلم، بل إن هناك فتاوى لا يصلح أن يكون المفتي فيها عالماً واحداً حيث تحتاج إلى اجتهاد جماعي، فالفتوى لها ضوابط وشروط يجب أن تتحقق في المفتي قبل أن يتجرأ على الفتوى، كأن يكون عالماً باللغة العربية، وعالماً بعادات الناس، وعالماً بأصول الفقه، وبقواعد الاتفاق والاختلاف، وبالنصوص ناسخها ومنسوخها، عامها وخاصها، مطلقها ومقيدها، والسُنة هل هي آحاد أم متواترة، وهل الأحاديث مرفوعة أم مقطوعة، صحيحة أم ضعيفة، فهذا كله لابد أن يكون المفتي على دراية به، ويجب أن يكون مدركاً للمقاصد الكلية للشرعية الإسلامية. • كيف ترى ضوابط وآليات تجديد الخطاب الديني؟- المقصود بتجديد الخطاب الديني هو إزالة اللبس والغموض، الذي يحيط بالدين، وتنقيته من البدع والخرافات، التي تلحق به، وكذلك تنقيته من الفكر المتطرف، وهذا أحد الأهداف الكبرى الذي أنشأنا من أجله مركز تجديد الخطاب الديني، وفقه الواقع في كلية دار العلوم بجامعة الفيوم، وهو المركز الوحيد في مصر المتخصص في هذا الأمر، والنبي صلى الله عليه وسلم أوضح أن تجديد الخطاب الديني سُنة، حيث قال في الحديث الصحيح: "إن الله يبعث على رأس كل مئة سنة من يجدد لها أمر دينها"، فوجدنا عمر بن عبدالعزيز والإمام الشافعي والكثير من العلماء الكبار يجددون الفكر الديني. وليس المقصود بتجديد الخطاب الديني الحرب على الثوابت، فيجب الاهتمام بالثوابت والنظر في الفروع والمتغيرات والاجتهاد بما يوافق العصر، والشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، فيها جزء ثابت، وأجزاء متغيرة بتغير الزمان والمكان والظروف ، وهذا الجزء هو الذي يقبل التجديد.
توابل - دين ودنيا
رئيس قسم الشريعة الإسلامية بجامعة الفيوم وجيه الشيمي لـ الجريدة.: تجديد الخطاب الديني لا يعني الحرب على الثوابت
28-05-2017