كنت أردد دائما أن موضوع الجناسي يحتاج إلى وقت وهدوء من أجل إعادتها، لأن الخبرات المماثلة السابقة تؤكد الاحتمال الكبير لعودة الجناسي عند توافر هذين العاملين، واستشهدت في مقالة سابقة بتأييد هذا الرأي في شريط مصور للدكتور نايف العجمي وزير الأوقاف الأسبق الذي كان ينهى فيه عن التصعيد السياسي والإعلامي لهذه القضية. والآن بعد انتهت أو أوشكت هذه القضية على الانتهاء يجدر بنا النظر إلى حساب الربح والخسارة فيها، فقد استطاعت الحكومة باستخدام السحب والإسقاط وقف المظاهرات غير القانونية ووقف التطاول على أمير البلاد والسلطة القضائية، وكذلك وقف المطالبات التي كانت تدور في المظاهرات بتغيير النظام الدستوري في البلاد.
ثم استخدمت الحكومة الأداة نفسها بشكل آخر، أي إعادة الجناسي لتحصين رئيس الوزراء طوال الفصل التشريعي "أربع سنوات"، حيث استغلت استذباح كثير من النواب عليها عندما جعلوها أول الأولويات، كما أخرت الحكومة أيضا عودة الجناسي حتى تضمن أن يظل حق السحب والإعادة بيدها سياديا دون إبداء الأسباب، كما أسقطت قانون السماح بالطعن في قرارات الجنسية أمام المحكمة الإدارية. كل هذه أرباح جنتها الحكومة وهي عدة عصافير بأداة واحدة. أما النواب المطالبون فانقسموا في الاستجواب ففشل فشلا ذريعا، وانقسموا أيضا بشأن تحصين رئيس الوزراء، وهذه خسارة ظاهرة، وهم إن كانوا يزعمون أنهم ربحوا إعادة الجناسي إلا أن الآخرين يلومونهم بأن الثمن الذي دفعوه كبير جد، وكان يمكن بشيء من الهدوء والوقت والحوار إعادتها دون مقابل كهذا. أما من أعيدت لهم جناسيهم فخسروا وعانوا معاناة هائلة، ثم ربحوها مرة أخرى فعادوا إلى الحالة التي كانوا عليها، فلم يربحوا ولكنهم عوضوا خسارتهم، وأعتقد أنهم لن يعودوا إلى مطالباتهم السابقة. والخلاصة أن الحكومة هي الرابح الأكبر والوحيد، ولم تبين حتى سبب السحب أو الإعادة في حين خسرت كل الأطراف الأخرى، فلم تحقق أهدافها أو على الأكثر احتفظت بمواقعها دون ربح أو خسارة.
مقالات
رياح وأوتاد: عصافير الحكومة بحجر الجنسية
29-05-2017