كيف جاءت مشاركتك في «ملتقى القاهرة للنقد الأدبي»؟ وصلتني دعوة كريمة من المجلس الأعلى للثقافة المصري للمشاركة في هذه الفعالية، كباحث ومدرس للغة العربية في جامعة باكو، وأكاديمية العلوم في المتحف الأدبي الأذربيجاني، والذي يحمل اسم الشاعر الكبير نظامي كنجوي. فعلاً، قدّمت للملتقى دراسة تقع في 11 صفحة حول «ثقافة ابن منظور وحواره مع النص الأدبي»، والآن أعمل على الأستاذية من خلال النصوص الأدبية في كتاب «لسان العرب» لابن منظور.
ما دلالة اختيارك لإلقاء كلمة المشاركين في الملتقى؟ لا أعتقد أن هذا الاختيار أمر غريب، فنحن نعتزّ بانتمائنا إلى الثقافة العربية منذ عهد عمر بن الخطاب، وبأن صلاح الدين الأيوبي محرّر الشرق من أبناء أذربيجان، وثمة وشائج تربط بين الأدباء الآذريين وبين العرب منذ سنوات طويلة، كخطيب تبريزي وهو أحد أفضل شرَّاح أبي تمام والشعر العربي القديم، ويقول الرسول الكريم في حديثه الشريف: «ليست العربية من أحدكم من أب ولا أم، فإنما هي اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي».
ابن منظور
لماذا اخترت كتاب ابن منظور تحديداً؟ لأن ابن منظور يقول في مقدمة كتابه إنه ألفه بينما الناس يفتخرون بغير لسانهم، وابتغى الحفاظ على لسان كتاب الله عز وجل، والحديث الشريف، وفي مؤلفه هذا لم يحافظ على اللغة العربية فحسب، بل على الحوادث والعادات والتقاليد، بدءاً من أيام العرب التي وجدت عهدها في الشعر العربي. كذلك جمع أكثر من 13 ألف بيت شعري، واستشهد بها لتوضيح معاني الكلمات، وبذلك قوى وعزَّز أعمدة لغة الضاد. في رأيك، هل يمكن أن يتفاعل القارئ الأذربيجاني مع هذا المبحث العلمي؟ أبحث في هذا الكتاب كي أعرِّف المجتمع الآذري إليه، وأتمكَّن من التعمق في اللغة العربية، لأن ابن منظور أسّس كتابه على قاعدة لغوية، هو نفسه سماها الكتب الخمسة، وبعمله هذا أحيا تاريخ العرب واللغة والآداب العربية، وأظنّ أن «لسان العرب» جاء تتويجاً للمعاجم التي كتبها سابقاً، وإلى الآن ينهض الكتاب بدور خاص في الحفاظ على القاعدة الكلامية العربية. هل يختلف تدريس لغة الضاد في جامعة أذربيجان عنه في الجامعات العربية؟ أظنّ أن الفروقات موجودة في منهج تدريس اللغة العربية بين الجامعات العربية وأية جامعة أخرى، والدراسة لدينا تحتاج إلى قاعدة لغوية، ولكننا لا نبدأ بدراسة النحو العربي ومناهجه الراسخة منذ القرون الوسطى، بل تحاول جامعتنا أن تقدم اللغة بالمستوى العصري، وبشكل بسيط يعتمد على لغتنا الأم. كيف تنظر إلى الإسهام النقدي في التعريف بالأدب الأذربيجاني؟ لكل شعب أدبه، ولكل أدب ناقده، والنقد الأدبي يؤدي دوراً مهماً في تثقيف الشعوب وتوعيتها. مثلاً، عندما كنا تحت احتلال الاتحاد السوفياتي 70 عاماً، تعرَّض أدباؤنا ونقادنا للتشريد والقمع في القرنين التاسع عشر والعشرين، من أمثال حسين جاوي وجعفر قبالي وغيرهما ممن طالبوا بالحرية والاستقلال، فضلاً عن أن النقد يؤدي دوراً محورياً في قراءة الأدب بأجناسه المختلفة.خصائص وسمات
ما أبرز خصائص الأدب الأذربيجاني بشقيه الإبداعي والإنساني؟ الأدب تكوّنه المجتمعات، والشعوب التي تريد أن تحصل على استقلالها، تتجسد طموحات المقاومة في إبداعها الأدبي، مثل الأدب الفلسطيني المقاوم بنقاده وشعرائه وروائييه، كذلك الأدب الأذربيجاني لا يختلف عن هذا المنطلق، وكان أحد الاتجاهات الرئيسة في أدبنا، ولكن بالرمزية والمعاني بين السطور. هل ثمة علاقة بين الأدبين الأذربيجاني والروسي؟ بالطبع. عندما كنا تحت الاحتلال، كان الأدب الآذري يمثِّل تياراً خاصاً، وتأثَّر جذرياً بالأدب الروسي، وهذا أمر طبيعي لأننا كنا في ذلك الوقت دولة واحدة، ولا أستطيع أن أنفي هذا التأثير، وهو اتسم بالإيجابية في بعض النقاط. ولكن الأدب الآذري أقدم من نظيره الروسي، وجذوره تعود إلى القرون الوسطى، فلدينا نظامي الكنجوي الشاعر الكبير الذي عاش في القرن الثاني عشر، وألف قصائد معروفة في الشرق، مثل «خسرو وشرين» و«ليلى والمجنون» و«الحسناوات السبع» وعرف بدوره في نشر ثقافة المحبة والسلام.المنجز العربي
يرى الباحث هيبة هيبتوف أن الأدب العربي أدب عالمي، وله مفاهيم إنسانية عميقة، تجسدت في أعمال كثيرة لأدبائه ونقاده ومفكريه، من أمثال نجيب محفوظ الحائز جائزة نوبل، مشيراً إلا أنه تأثر به كما تأثر بسير وقراءات عن عنترة بن شداد وامرئ القيس وأبي تمام والبحتري، والأخير له قصيدة سينية معروفة «صنت نفسي، عما يدنس نفسي، وترفعت عن جدا كل حبس»، ومن الشعراء المعاصرين نزار قباني، وإيليا أبي ماضي، لا سيما قصيدته «الطلاسم» التي عارضها محمد جواد الجزائري بقصيدة «حل الطلاسم».