قضت الدائرة المدنية المختصة بالنظر في القرارات الحكومية بالمحكمة الكلية برئاسة المستشار رائد الديولي وعضوية القاضيين وليد عرابين وعلي شمس الدسن ببطلان قرار ديوان المحاسبة إحالة مدير إحدى الشركات التي تساهم في الدولة الى المحكمة التأديبية لمخالفة القرار القانوني، ولعدم اختصاص المحكمة التأديبية التابعة لديوان المحاسبة بمحاكمة الموظفين التابعين للشركات حتى ولو كانت الدولة تسهم في تلك الشركات.وقالت المحكمة في حيثيات حكمها في الدعوى التي أقامها أحد مديري الشركات المحال الى المحكمة التأديبية التابعة لديوان المحاسبة، عبر وكيله المحامي خالد جمال الزامل إن المدعي مدير عام لشركة وليس موظفا عاما، وبالتالي لا ينطبق عليه هذا الوصف، مما يتعين ببطلان قرار إحالته الى المحكمة التأديبية.
وتتحصل وقائع القضية في الدعوى التي أقامها المدعي أمام الدائرة الإدارية الثانية بالمحكمة الكلية بصحيفة أودعت إدارة كتاب المحكمة أولا: بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليه الأول بإحالته الى المحاكمة التأديبية، وثانيا: في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بإحالته للمحاكمة التأديبية.
إعادة النظر
وقال المدعي إن المدعى عليه الأول رئيس ديوان المحاسبة أصدر القرار المطعون فيه بإحالته إلى المحاكمة التأديبية أمام الهيئة الخاصة بالمحاكمة التأديبية، بزعم أنه بوصفه من المختصين في إحدى الشركات ارتكابه لمخالفة مالية وخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي، وإتيانه ما شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة الخاصة بإدارة وتطوير أحد الأسواق، مما أدى الى ضياع فرصة الاختيار بين البدائل التي تمكن الشركة من أداء الأعمال بكفاءة وبأقل الأسعار، وحيث إن ديوان المحاسبة طالب بإعادة النظر في قرار الشركة الصادر بحفظ التحقيق، عملا بأحكام القانون رقم 30/ 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة، إلا أن الشركة لم تستجب لطلب الديوان وأصرت على حفظ التحقيق، فقام المدعى عليه الأول بإحالة المدعي الى المحاكمة التأديبية.وحيث نظرت الدعوى أمام الدائرة الإدارية الثانية وفيها مثل أطراف الدعوى المدعي والمدعى عليهما الأول والثاني بصفتهما كل بوكيل عنه - محام - وبجلسة 5/ 10/ 2016 قدم الحاضر عن المدعي حافظة مستندات طالعتها المحكمة وألمت بها طويت مما طويت على صورة من القرار المطعون فيه بإحالة المدعى الى المحاكمة التأديبية.عدم اختصاص
وقضت الدائرة الإدارية الثانية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها للدائرة تجاري مدني كلي حكومة للاختصاص، وجاء بأسباب حكمها «لما كان الثابت أن المدعى يعمل بوظيفة مدير عام شركة، وأن هذه الشركة ينحسر عن العاملين بها وصف الموظف العام»، وحيث إن المحكمة نظرت الدعوى وبعد حكم الإحالة وأمامها مثل المدعي والمدعى عليهما الأول والثاني كل بوكيل عنه، وقدم المحاضر عن المدعي مذكرة طالعتها المحكمة وألمت بها طلب في ختامها أصليا: ببطلان قرار إحالته للمحاكمة التأديبية وانعدامه بما يترتب من آثار، واحتياطيا: إحالة الدعوى للمحكمة الدستورية لنظر الدفع المبدى من المدعي ببطلان تشكيل هيئة المحاكمة التأديبية تمهيدا للحكم ببطلان قرار إحالة المدعي للمحاكمة التأديبية أمام الهيئة سالفة الذكر، وإلزام المدعى عليه بالمصروات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية.وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه عن موضوع الدعوى وعن طلب المدعي ببطلان قرار إحالته للمحاكمة التأديبية وانعدامه بما ترتب من آثار، فلما كان الثابت من حكم الدائرة الإدارية الثانية بالمحكمة الكلية الذي قضى بإحالة الدعوى انه بني أسس الحكم بالإحالة أن المدعي يعمل بوظيفة مدير عام شركة استثمارية، وأن هذه الشركة ينحسر عن العاملين بها وصف الموظف العام، ومن ثم يكون الحكم المار قد فصل بالشق بالدعوى المتعلق بعدم انطباق وصف الموظف العام على المدعى بوظيفة مدير عام، والتي صدر بسببها وبمناسبتها القرار المطعون فيه بإحالته للمحاكمة التأديبية، ولما كان ذلك وكان النص بالمادة 53 من القانون رقم 30 لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة قد نصت على أنه «يعاقب تأديبيا على الوجه المبين في هذا القانون كل من ارتكب من الموظفين العموميين عدا الوزراء مخالفة من المخالفات المالية المنصوص عليها في المادة السابقة، أو ساهم في ارتكابها أو سهل وقوعها أو تراخى في الإبلاغ عنها أو حاول التستر على مرتكبها، وذلك كله على أي صورة من الصور.ولما كانت الدائرة الإدارية قد قضت بحكمها الصادر بإحالة هذه الدعوى الى عدم توافر صفة الموظف العام بالمدعي، مما يستتبع ذلك بطلان القرار المطعون به بإحالته للمحاكمة التأديبية، وهو ما تقضي به المحكمة وعلى النحو الذي سيرد بالمنطوق.