في الوقت الذي أفتت وزارة العدل، بما أنها المعنية بتنفيذ أحكام قانون جرائم تقنية المعلومات لوزارة الداخلية، بجواز قيام أي من ضباط الوزارة بضبط الجرائم الواردة في قانون جرائم تقنية المعلومات وعدم قصرها على الضباط في قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية، على الرغم من سلامته إذا خلا قانون جرائم تقنية المعلومات من نص يحدد الضباط الذين يقومون بضبط الجرائم، إلا أن هذا الرأي يعد - في المقابل - مخالفا لأحكام القانون، خصوصا إذا ورد نص صريح بحكم القانون يقصر أمر ضبط الجرائم على موظفين محددين يناط بهم أمر تطبيق أحكام هذا القانون، والعمل على تحرير المخالفات الواردة فيه. الأمر ليس اجتهادا يمكن لوزارة العدل اتباعه، ولا حتى لوزارة الداخلية فيما لو نقل إليها أمر تنفيذ أحكام هذا القانون، ولكنه يتصل بشرعية الإجراءات الجنائية التي إن صحت، صحت بعدها بقية الإجراءات، وإن بطلت بطلت معها بقية الإجراءات، ومن ثم فإنه لا يصح عملا لأي ضابط أو فرد من رجال الشرطة اتخاذ قرار بضبط أي جريمة، أو العمل على تحرير مخالفة وفقا لأحكام قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 63 لسنة 2015، وإنما يتعين ضبطها وتحريرها ممن قصر القانون عليهم تنفيذ أحكامه، وهم الموظفون الصادر بتحديد أسمائهم قرار من وزارتي العدل أو الداخلية.
وبالرجوع الى أحكام المادة 15 من القانون التي تنص على أنه «للموظفين الذين يصدر بتحديدهم قرار من الوزير المختص ضبط الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون وتحرير المخالفات عنها، وإحالتها إلى النيابة العامة، وعلى جميع الجهات ذات الصلة تقديم التسهيلات اللازمة لهؤلاء الموظفين»، ويتضح من حكم المادة السابقة أن المشرع حدد لضبط هذا النوع من الجرائم الوارد في أحكام قانون جرائم تقنية المعلومات موظفين محددين يناط إليهم أمر الضبط، ومن ثم فإن أي موظف ضابط أو شرطي أو غيره لم يرد اسمه من بين الأسماء التي أناط بهم القانون اتخاذ إجراءات الضبط أو تحرير المخالفات وفقا لأحكام القانون، فإن إجراء الضبط هنا سيكون باطلا لاتخاذ الإجراءات من غير الموظفين المكلفين بتطبيق أحكام القانون، والذين حددهم المشرع حصرا فيمن يصدر بشأنهم قرار بتحديدهم.ولما كان وزير العدل السابق قد أصدر قرارا بتحديد أسماء الضباط في إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية تطبيقا لأحكام المادة 15 من القانون منعا للطعن عليهم، فإن لهؤلاء وحدهم اتخاذ إجراءات ضبط هذا النوع من الجرائم، والمحددة لهم في القانون لوجود اختصاص نوعي لهم من المشرع، ومن ثم فإن العدول عن هذا القرار بإسناد الأمر لأي ضباط دون تحديد أسمائهم أو بياناتهم بقرار وزاري، وفق ما تطلبته المادة 15 من القانون، فإن ذلك يعني بطلان أي إجراءات للضبط يقوم بها رجال المباحث أو الشرطة ممن لم يصدر بشأنهم قرار من الوزير يسمح لهم باتخاذ تلك الإجراءات، وذلك لأن المشرع لم يشترط فيمن يقرر أمر الضبط أن تتوافر به وظيفة الضبطية القضائية بالأساس كضباط المباحث، وإنما أكد، كضمانة على ذلك، أن يصدر بشأنهم قرار يحددهم للقيام بتطبيق أحكام هذا القانون، ولا يصح أن يقوم ضابط بمباحث الأموال أو الآداب أو المخدرات بضبط متهم بجريمة احتيال إلكتروني أو سب وقذف في «تويتر»، لأنها من الجرائم التي حدد القانون الأشخاص الذين يتعين عليهم ضبط هذا النوع من الجرائم، بعد تسميتهم من الوزير.
مقالات
مرافعة : شرعية محاضر الجرائم الإلكترونية!
30-05-2017