لم أتابع حلقة واحدة، ولا نصف حلقة من أي مسلسل كويتي، ولا أي مسلسل خليجي، ليقيني المسبق بفشلها وسطحيتها حتى قبل أن تبدأ، ليش؟ لأن كتّاب الأعمال الفنية محصورون في مكان ضيق لا يمكنهم تجاوزه، ولا يُسمح لهم بالتحليق في الفضاء وابتكار الأفكار. بل أكثر من ذلك، أزعم أن الكتّاب، في الغالب، يكتبون "ما تطلبه السلطات"، أي إنهم منفذون لا مبدعون.

والقاعدة تقول: نجاح العمل الفني، سواء كان مسلسلاً أو مسرحية أو فيلماً أو ما شابه، يعتمد في خمسين في المئة منه على المادة المكتوبة. لذلك أنت هنا تبدأ مشروعك الفني بخمسين في المئة خسارة، وتبقى الخمسين في المئة الأخرى موزعة بين الإخراج والتمثيل والحوار والأزياء والإضاءة والموسيقى ووو...، فكيف ستنجح؟

Ad

في السنوات الأخيرة، ضاق أفق السلطات العربية كثيراً في تعاملها مع الفنون والإبداع، خصوصاً بعد الربيع العربي. ولولا "داعش" التي أصبحت بمثابة "الرزق" للمؤلفين والمنتجين، لما شاهدنا ثلاثة أرباع هذه الأعمال الفنية.

بص حضرتك... يمكنك أن تكتب عن الطلاق المبكر، أو عن عقوق الأولاد، وعن المرأة المسنة التي لم تدخر جهداً في تدليل ابنها، لكنه عقّها وتركها بعد أن جردها من كل أموالها، وهنا يمكنك أن تمط الحلقات كما يحلو لك، على خلفية الناي الحزين، وتصرف نصف وقت المسلسل على الدموع، وتصرف ربعه على الجلوس أمام المرآة، ومخاطبة النفس، ووو...

ثم في الموسم المقبل، تكتب عن امرأة مسنة أخرى، لكن هذه المسنة لديها ولدان اثنان لا واحد، الأول طبيب والثاني مهندس، بخلاف المسلسل الأول الذي يظهر فيه الابن العاق فاشلاً في الدراسة ومدمناً على المخدرات... وفي المسلسل الثالث تكتب عن ثلاثة أبناء عاقين، وهكذا، وبالهناء والشفاء.

ولا تتعب نفسك في صياغة الحوار، فتحرص على انتقاء جمل عميقة، تخلد في الذاكرة. لا تتعب نفسك يا عزيزي، فقد تُمنع هذه الجمل، أو قد لا يؤديها الممثلون الأداء المأمول.

وبالحديث عن الممثلين، إن استثنينا سوادهم الأعظم، فالأغلبية، خصوصاً من الممثلات، لا يملكن من الإمكانات إلا الحرية الأسرية التي تسمح لهن بفعل ما يشتهين، وقت ما يشتهين، مع من يشتهين. ولا تحدثني هنا عن الموهبة والعمق والثقافة والاطلاع والاندماج الكامل في الدور وغير ذلك. فالجود من الموجود. وألف رحمة على الفن.