نور الشريف... الفيلسوف العاشق (5 - 30)

السراب

نشر في 31-05-2017
آخر تحديث 31-05-2017 | 00:04
رغم اتفاق الصديقين، نور إسماعيل ومحمود الجوهري، على مشاهدة الأفلام السينمائية التي تقع عليها أعينهما معاً، فإنهما كانا يختلفان بمجرد أن تطفأ الأنوار في دار العرض ويبدأ عرض الفيلم، إذ يتسابق كل منهما لاختيار الشخصية التي سيجسدها بعد أن يخرجا من دار العرض، وكان الخلاف غالباً على شخصية البطل، ويناضل نور للفوز بها، وإلا لن يشارك صديقه التمثيل، فيخضع الجوهري لرأيه كي لا يخسر «الممثل» الوحيد الذي يشاركه اللعب في هذه الهواية الممتعة.
كان نور يتنازل عن أداء شخصية البطل، أو الدور الثاني، أو أي دور آخر، إذا كان الفنان عبد المنعم إبراهيم مشاركاً في الفيلم، فيترك الأدوار كافة ليجسد شخصيته. لاحظ صديقه الجوهري هذا الأمر، فكان يحرص على البحث عن أفلام لإبراهيم في دور العرض كافة لدخولها، ليترك له نور دائماً دور البطل. وفي نهاية تجسيدهما الفيلم الذي شاهداه، يجلسان على «الرصيف» يتناولان الفول والفلافل، وكل منهما يحكي عن أحلام يقظته بصوت مسموع، ثم يتمنيان أن تتحقق هذه الأمنيات، ويصبح كل منهما «شجيع السيما»، وفق تعبير جمهور سينما الدرجة الثالثة، وهو حلم كان يسيطر عليهما في المنام واليقظة، وفي كل وقت. بل إن اهتمام الجوهري فاق اهتمام نور، وكان يتابع أخبار الفن والفنانين من خلال الصحف والمجلات، حتى وقعت عيناه على خبر في جريدة «الأخبار» مفاده أن المنتج رمسيس نجيب يطلب عدداً من الوجوه الجديدة للمشاركة في فيلم سينمائي ضخم يصوّره هذا العام (1960)، كذلك يطلب عدداً من الأطفال بين سن الثانية عشرة، والرابعة عشرة، من الجنسين، الإناث والذكور.

قرأ الجوهري الخبر وطاش عقله من الفرح، فأمسك بالجريدة، ولم ينتظر أن يخرج نور من فصله المجاور له، وذهب وطرق الباب:

= لو سمحت يا أستاذ. الحاج إسماعيل عم محمد جابر وولي أمره واقف عند البوابة، وعايز محمد في حاجة ضرورية وهيرجع تاني.

- حاجة ضرورية... طب اتفضل يا سي محمد وما تتأخرش.

انتحى الجوهري بنور جانباً في فناء المدرسة، وبعيداً عن أعين المشرفين، افترش الأرض وفتح أمام نور جريدة «الأخبار» وهو يشير إليه بيده ليقرأ:

* إيه في إيه يا محمود أنت مخرجني من الحصة علشان توريني الجرنال.

= أوريك إيه ولا إيه... بص ومتع عنيك واقرأ الخبر ده يا فنان.

* ماله الخبر ده... أهو... إيه استنَ استنَ. وجوه جديدة من سن 12 لسن 14. فهمت قصدك يا حودة... أيوا بس مين اللي هيوصلنا لرمسيس نجيب ده... ولا أيش عرفنا بالشركة بتاعته دي فين.

= ما العنوان أهو... رمسيس نجيب في شارع رمسيس. ده واخد الشارع لحسابه يا عم.

* طب والمدرسة؟

= أنا اديتك إجازة بكرة من المدرسة.

* إيه؟

= آه بكرة هتيجي في معاد المدرسة عادي تكون كاوي هدومك وملمع جزمتك وتجيب معاك صورتين لك. وهنسيب الشنطة هنا عند عم ربيع البواب ونفوت له نص فرنك ولا حتة بخمسة ونقوله هنزور واحد صاحبنا في المستشفى وراجعين على طول... وسيب الباقي عليا.

أول فرصة

في طريق عودته من المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي، وفي لهفة وشوق، كأنما يحمل مسوغات تعيينه، حمل الصبي نور جريدة «الأخبار» حيث نُشر الإعلان الذي يطلب فيه المنتج رمسيس نجيب وجوهاً جديدة من الأطفال. غير أنه أعاد النظر إلى الإعلان، ليتوقف طويلاً عند أهم شرط فيه، وهو أن يكون الطفل شبيهاً بالفنان أحمد مظهر، الذي نشرت له صورة كبيرة إلى جانب الإعلان، فراح يمشي في الشارع، وفتح الجريدة وطواها على الإعلان، وكلما التقى أحداً يعرفه في الشارع أظهر الجريدة ووضعها إلى جانب وجهه، وسأل من أمامه:

* مش أنا شبه الممثل ده ياله؟

= ولا فيك أي حاجة منه... أنت مناخيرك كبيرة وبرأسين... وهو شكله حلو أوي... يا عم روح.

* امشي ياض... أنت ما بتفهمش حاجة.

لم تكن الإجابة ترضيه، لكنه حين وصل إلى حجرته وقف أمام المرآة واضعاً صورة أحمد مظهر في الجريدة إلى جانب وجهه وراح يطيل النظر في المرآة ثم يبتسم قائلاً: أنا أحمد مظهر... سبحان الله فولة واتقسمت نصين.

نفذ نور والجوهري الخطة بكل دقة. فوراً، استقل الصديقان الحافلة إلى شارع رمسيس حيث يقع مكتب رمسيس نجيب، وهي مصادفة أن يحمل الشارع اسمه، وبعد بحث طويل عرفا مكان مكتب المنتج الذي كان يستعد لإنتاج فيلم «وا إسلاماه» للكاتب علي أحمد باكثير، ويحتاج سيناريو العمل إلى طفلين أساسيين في الأحداث، صبي وفتاة يجسدان دوري «جهاد» ابنة السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه، وابن أخيه «محمود» اللذين يهربهما قبل أن يطاولهما التتار، ليرثا حكم البلاد من بعده. وسيجسد الشخصيتين في مرحلة الشباب كل من الفنان أحمد مظهر، والفنانة لبنى عبد العزيز، فضلاً عن احتياج العمل إلى عدد كبير من الأطفال للقيام بأدوار أطفال يُخطفون من ذويهم ويُباعون في أسواق «النخاسة» لتدريبهم على الفروسية والقتال ليصبحوا لاحقاً «مماليك».

بكل ارتباك دخل الصديقان المكتب والجريدة في يد نور، ولم يكونا في حاجة إلى الكلام فالأمر يفسر نفسه بنفسه. تطلع إليهما سكرتير المكتب وهو يبتسم فبادلاه النظرات والابتسام، ثم أتى إليهما رجل طويل القامة، ونظر إليهما بتفحص، ثم التفت إلى نور قائلاً: بص في عيني كويس... وركز أوي.

انفرجت أسارير نور، فحدق في عيني الرجل بكل قوة، واستحضر كل قدراته التمثيلية لتخرج النظرة مؤثرة، فهز الرجل رأسه واستدار، فبادره نور:

* أنفع يا أستاذ؟

= إن شاء الله هنشوف.

- طب وأنا يا أستاذ؟

= أوكي كل واحد فيكم يسيب صورتين واسمه وعنوانه ولو فيه رقم تليفون.

نظرات الرجل وكلماته المقتضبة لم ترح الصديقين، وشعرا بخيبة أمل كبيرة لضياع الطموح والآمال التي علقاها على هذه الفرصة، إلا أن ذلك لم يحبطهما، وقررا مواصلة المشوار:

= يا عم أنت زعلان ليه عادي.

* كان نفسي أمثل في الفيلم ده.. يعني واحد مننا كان ممكن يعمل دور أحمد مظهر وهو صغير.

= أنا جت لي فكرة.

* فكرة إيه تاني يا أبو الأفكار.

= إحنا مش عرفنا الطريقة... خلاص مش هنسيب ولا شركة ولا مكتب إلا لما نروح له... وأكيد واحد منهم هيبقى محتاج ممثلين في سننا.

* والمدرسة هنعمل إيه فيها... هنغيب كل يوم؟

= لا... هو يوم واحد كل أسبوع. وناخد اليوم ده من أوله نلف فيه على تلات أربع شركات... وأنا متأكد أننا هنلاقي فرصة فيها.

جرأة الطموح

الفشل الذي لقياه في مكتب رمسيس نجيب، وتكرر في عدد من الشركات الأخرى التي ذهبا إليها، حيث تعامل الموظفون معهما باستخفاف باعتبار طموحهما «لعب عيال»، لا سيما أن في العادة آنذاك كان الأطفال والمجاميع، وممثلو الصفين الثاني والثالث، يأتون إلى الشركات عبر مكاتب معينة، ولم يكن ثمة من يطرق الأبواب مثل نور وصديقه، حتى أوقعتهما المصادفات مع المنتج الأرمني المصري تاكفور أنطونيان، أثناء دخولهما من باب مكتبه وسؤالهما عن المدير:

= وعايزين المدير ليه؟

- أصل إحنا ممثلين وعايزين نشتغل في السيما.

= ممثلين حتة واحدة... ومثلتوا إيه قبل كده.

* لا هو حضرتك إحنا عايزين نمثل لسه ما مثلناش حاجة.

= بتحبوا السيما.

* جداً... بنحبها جداً.

= خلاص هتبقوا ممثلين وممثلين هايلين كمان. شوفوا بقى أنتوا تشربوا الليمون وتسيبوا عند السكرتارية اسماءكم وعناوينكم ولما يكون في دور مناسب إحنا هنتصل بكم.

كان كلام المنتج تاكفور أنطونيان كافياً ليكف الصديقان عن عمليات البحث في شركات الإنتاج، وراحا ينتظران اتصاله بأي منهما، غير أنهما لم يتخليا عن حلمهما، خصوصاً نور، الذي ربما لم يكن في جرأة محمود الجوهري نفسها، إلا أنه شعر بأنه يعيش لأجل تحقيق هذا الحلم، فعاود الذهاب إلى مكتبة «دار الكتب» وراح يبحث عما يمكن أن يساعده في الاقتراب من حلمه. وقعت يده على «في الفن المسرحي» من تأليف إدوارد كريغ، ليكون أول كتاب يطالعه عن المسرح، كان الكتاب صعباً ومعقداً على من هو في سن نور، فلم يفهم الكثير منه لازدحامه بمصطلحات تحتاج منه إلى بحث وتنقيب، لكنه فتح آفاق البحث أمامه... ففي الزيارة التالية وقع في يده «إعداد الممثل» للمخرج والممثل المسرحي الروسي قسطنطين ستانسلافسكي، وهو كتاب يعتبر بالمقاييس كافة المرجع الأساسي لكل ممثل ومخرج. لم يدرك نور أن موهبته الفطرية أهدته إلى المنهج الصحيح الذي يسير عليه، حتى لو لم يكن يعرف المفاهيم كاملة في حينها، إذ وجد نفسه في بحر عظيم هائل من المعلومات والمصطلحات والتدريبات، اجتهد كثيراً كي يفهم منها ما يستطيع، وربما لجأ من حين إلى آخر إلى أستاذه حمدي رغم آرائه المحبطة، لكن ليفهم بعض ما جاء في الكتاب، ليثير نور مجدداً دهشة أستاذه بوصوله إلى هذا الكتاب المقرر عليهم ضمن منهج الدراسة في المعهد، فزاد إعجابه بإصرار هذا الفتى الذي لا ييأس.

كان نور مصراً على أن يصبح أحد نجوم التمثيل، خصوصاً نجمه المفضل عبد المنعم إبراهيم، الذي تمنى وحلم أن يشاهده وجهاً لوجه ولو بشكل عابر، ولم يكن يدرك أن براعته في أداء دور «مستشار كليبر» أحد قادة الحملة الفرنسية في مسرحية «مصرع كليبر»، الذي أسنده إليه أستاذه حمدي، ستكون مكافأته عنه دعوة إلى مشاهدة نجمه المفضل فوق خشبة المسرح وهو يؤدي دوره في «الأيدي القذرة» إلى جانب الممثلة الشابة سناء جميل، وهي المسرحية التي كتبها جان بول سارتر، وأخرجها نور الدمرداش.

جلس نور غير مصدق، فهي المرة الأولى التي يشاهد فيها مسرحاً حقيقياً بعيداً عن عروض الهواة، المرة الأولى التي يتعرف فيها إلى التقاليد الحقيقية للمسرح والتزام الفنانين وتفانيهم فوق خشبة المسرح لأجل إسعاد وإمتاع الجمهور، والمرة الأولى التي يرى فيها محبوبه ونجمه المفضل عبد المنعم إبراهيم رأي العين، لا يفصل بينهما حاجز. شاهده يصول ويجول فوق خشبة المسرح، في حضور طاغ، ينتزع التصفيق من آن إلى آخر من الجمهور، فإذا كان نور دخل المسرحية وهو يحب التمثيل وعبد المنعم إبراهيم، فقد خرج منها وهو عاشق لكل منهما، وزاد إصراره على تحقيق حلمه في أن يكون أحد هؤلاء الذين ينتزعون إعجاب الجمهور وحبه.

ما إن عاد نور إلى بيته في ساعة متأخرة حتى وجد عمه إسماعيل يقف أمام باب البيت في الحارة منتظراً عودته، وقد تبدلت ملامح وجهه، من الابتسامة الدائمة والاستقبال الحار كلما شاهده، إلى ضيق وغضب وصرامة، فلم يتحدث إليه بل أمسكه من يده ودخل به إلى البيت في هدوء ليلقنه درساً قاسياً:

= كنت فين لحد دلوقت يا نور؟

* هه... كنت... كنت في المسرح.

= مسرح... مسرح إيه؟

* أصل الأستاذ حمدي مدرس التربية الرياضية جاب لي دعوة أدخل المسرح... بس إيه يا عمي حاجة ماحصلـ...

= أنت عرفت طريق المسارح والصالات؟ بكرة ترجع لي وش الفجر من كباريه.

* لا يا عمي المسرح حاجة تا...

= مش عايز أسمع أي كلام... أنا هعتبر دي غلطة ومش هتتكرر. وهعتبر نفسي ما سمعتش حاجة من الهلفطة اللي قولتها. أنا عايزك تلتفت لدروسك وبس... فاهم دروسك وبس... مش عايز الناس تقول إسماعيل فرط في الأمانة اللي سابهاله جابر.

العودة إلى الكرة

رغم براعته في الأدوار كافة التي كان يشارك فيها على المسرح المدرسي، والتي أكّد من شاهده خلالها أنه صبي موهوب، يحتاج فحسب إلى صقل موهبته وتوجيهها، فإن ما سمعه من عمه إسماعيل وما قاله أستاذه حمدي من عدم اتخاذ التمثيل مهنة له، أصاباه بإحباط. غير أن ذلك لم يثنه عن التفكير طوال الوقت في التمثيل وعشقه له، لكنه قرر إرجاء أي كلام عن التمثيل، إلى حين الحصول على «التوجيهية»، وراح يبحث عن ذاته في مجال آخر، فلم يكن هناك سوى كرة القدم التي عشقها وبرع فيها، ومارسها طويلاً في حواري وشوارع «حي الخليفة» حتى عرض عليه بعض أصدقائه ما لم يخطر على باله:

* ومين قالكم على الفكرة دي؟

= أنت ما قرأتش اللي مكتوب في جرنال الجمهورية... نادي الزمالك طالب أشبال... وعاملين اختبارات يوم السبت الجاي.

* أنتو بتصدقوا يا ابني أنت وهو... ده كلام جرايد. شوف يا حبيبي لك معرفة تدخل النادي وأنت حاطط رجل على رجل... ما لكش معرفة يبقى عليك وعلى ساحة السلطان حسن.

= عموماً، أنا عمي درويش قاللي إنه يعرف المدرب... وداخل النادي يعني داخل.

- وأنا ابن عم بابا اللي بيورد فلنات اللاعيبة للنادي وكلمته تمشي على رئيس النادي نفسه.

ـ أنا بقى....

* طب لما كلكم قرايب وأصحاب النادي وداخلين داخلين... عايزيني أروح معاكم ليه. امسكلكم الساعات والهدوم وأنتو بتلعبوا.

= يا عم تعالَ يمكن تقبل. أنت خسران حاجة؟

* على رأيك. ما هي خسرانة خسرانة.

كانت المفاجأة أن نوراً، هو الوحيد الذي قُبل من بين مجموعة أصدقائه الذين ذهبوا معه، وهم يتباهون بمعارفهم وأقاربهم الذين سيضمنون لهم قبولهم في النادي. وتسجل محمد جابر في أشبال نادي الزمالك موسم 1961، ليبدأ تمريناته مع كل من حمادة إمام وطه بصري ونبيل نصير وعلي محسن وغيرهم.

رحب إسماعيل بأن يمارس ابن شقيقه نور، لعبة كرة القدم، باعتبارها هواية إلى جانب الدراسة، بل إنه أصبح مصدر فخر له، وهو يخرج من البيت أو يعود إليه، وهو يرتدي ملابس التدريب الخاصة بنادي «الزمالك»، خصوصاً أن عمه إسماعيل «زملكاوي» متعصب.

حصل نور على شهادة الإعدادية، فقدّم عمه أوراقه لمدرسة «الخديوية» في حي السيدة زينب، على بعد خطوات من منزله، غير أن نوراً ولأنه متمرد، ويسعى دائماً إلى حلمه، رفض هذه المدرسة، رغم ما لها من سمعة علمية جيدة، ومن دون أن يخبر عمه سحب أوراقه منها، وقدّمها لـ «المدرسة الإبراهيمية» في حي «غاردن سيتي» على نيل القاهرة، في الجهة المقابلة لحي السيدة زينب، وهي مسافة ليست بعيدة، حيث يكفي أن يعبر القضبان الحديد لخط «مترو حلوان – القاهرة» ليصل إليها، فقط لأنه عرف أن بعض لاعبي نادي «الزمالك» أمثال نبيل نصير وعلي محسن وغيرهما، ضمن طلبة المدرسة. وبدأ نور انتظامه في المدرسة، مع انتظامه في صفوف أشبال «الزمالك»، حتى شعر بأنه أحد أبناء هذا النادي، معلناً أنه أفضل نادٍ كروي في مصر، وراح يتحدى كل من حوله وأولاد عمه، خصوصاً أحمد الكبير، الذي تزوج وأنجب، ورغم ذلك لم يتورع عن الدخول في «رهان» مع نور على أن «الأهلي» سيفوز في مباراته الفاصلة في نهاية الدوري على «الزمالك»، وعلى مشجع الفريق المهزوم شراء زجاجات «مياه غازية» لكل العائلة على نفقته. ضحك عمه الكبير أمين لهذا التحدي، وهو يرقد على فراش المرض، فأكد له نور أن فوز «الزمالك» سيشدّ من أزره ويقوم من مرضه.

راح نور يوفر من مصروفه ثمن زجاجات «المياه الغازية» خشية أن يفعلها «الزمالك» كعادته ويُهزم، غير أن ابن عمه مرض بالتهاب شديد في «اللوزتين» قبل المباراة بيومين، وطلب من نور تغيير «الرهان» لأنه لن يستطيع شرب «المياه الغازية» فرفض نور، بل ورفض أن يجلس للاستماع إلى المباراة معهم في المذياع، وذهب إلى النادي لمشاهدتها مع بقية الأصدقاء، وكانت النتيجة غير المتوقعة أن فاز «الزمالك» على «الأهلي»، ولم ينتظر نور الاحتفال مع بقية زملائه بالفوز، وعاد مسرعاً إلى البيت ليطالب ابن عمه «بالرهان».

نادي «الزمالك»

لم يكن غريباً أن ينتمي نور الشريف إلى «الزمالك» مشجعاً ثم لاعباً، فهذا النادي الذي تأسس في الأسبوع الأول من عام 1911 لمنافسة النادي «الأهلي» تمكّن فعلاً من أن يصبح النادي الثاني مصرياً وعربياً من ناحية عدد المشجعين وصار قلعة رياضية كبرى خرجت مئات الأبطال والنجوم.

بدأ «الزمالك» مسيرته تحت اسم «قصر النيل»، وكان يشغل مكان كازينو النهر في الجزيرة اليوم، وكان الهدف من موقعه هذا أن يكون مقابلاً لنادي «الأهلي»، وكان جورج مرزباخ رئيس النادي ورئيس المحاكم المختلطة في مصر آنذاك حلم وتخيل بأن هذين الناديين يوماً سيكونان الأهم على مستوى القارة الإفريقية والعالم العربي، واختار مجموعة المؤسسين وهم من البلجيكيين والألمان، الاسم لأنه كان إلى جوار مقر النادي، وأحد من أكبر معسكرات القوات البريطانية في الشرق الأوسط وإفريقيا واسمها «ثكنات قصر النيل» ومكانه الآن فندق هيلتون النيل ومقر جامعة الدول العربية.

وفي عام 1913 انتقل النادي إلى مقر ثان عند تقاطع شارع 26 يوليو ورمسيس الحاليين في مكان مباني الشهر العقاري ودار القضاء العالي، وتغير اسمه إلى المختلط نسبة إلى المحاكم المختلطة كما يقول البعض، وهي محاكم كان يرأسها مؤسس النادي للفصل في قضايا الأجانب المقيمين في مصر خلال الاحتلال الإنكليزي، أو لأن أعضاء النادي كانوا مجموعات متنوعة من الجنسيات الأجنبية المختلفة.

ثم تغير اسمه مجدداً إلى نادي»فاروق»، وكان ذلك في عام 1944 عندما حضر ملك مصر فاروق نهائي كأس مصر حينما فاز النادي على «الأهلي»، ومع ثورة 23 يوليو 1952 تغير الاسم مرة ثالثة إلى «الزمالك»، وانتقل إلى منطقة ميت عقبة في المهندسين.

البقية في الحلقة المقبلة

نور أقنع نفسه بأنه يشبه أحمد مظهر للمشاركة في «واإسلاماه»

الصديقان نور ومحمود الجوهري قابلا رمسيس نجيب للترشح لدور «قطز»

حمل الصبي نور جريدة «الأخبار» حيث نُشر الإعلان الذي يطلب فيه المنتج رمسيس نجيب وجوهاً جديدة من الأطفال

إسماعيل «عم نور» لقنه درساً قاسياً بسبب مسرحية عبدالمنعم إبراهيم

كان كلام المنتج تاكفور أنطونيان كافياً ليكف الصديقان عن عمليات البحث في شركات الإنتاج
back to top