السؤال: ما مدى جواز عَفوِ الوَصِيَة نِيَابة عن أولادها القُصر عن قتل المُتهم لِوَالِدِهِم، وما إذا كان يجوز أن يَتم ذلك العفو بِمَبلغ مالي مِن عدمه، وبيان مقدار المبلغ الواجب دفعه؟

المفتي: مفتي الديار المصرية، شوقي علام.

Ad

الفتوى: من المقرر شرعاً أن المقتول إذا كان له أولياء دمٍ وكان بعضهم كبيراً وبعضهم صغيراً، فإن عَفْوَ الكبير عن القِصاص يُسقِطه عن القاتل، إلا أنه لا يسقط حَقُّ الصغير في قبض نصيبه مِن الدِّيَة بدلا عن القصاص.

إن عَفوَ زوجة المقتول عن قاتلِ زوجِها يَدرَأُ عنه القِصَاص لِتَثْبتَ الديَة بَدَلًا عنه، ويجوز لها حينئذٍ أن تتنازل عن نصيبها في الدِّيَة، إلَّا أنه لا يجوز لها أن تتنازل عن نصيب القُصَّر مِن أولياء الدم في هذه الدية المُستَحَقة عن قتل والدهم.

كما أنه المقرر شرعا أن الولي على الصغير يجب عليه أن يتصرف في ماله بما فيه المصلحة لقوله تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (سورة الأنعام: 152)، وبَنَى الفقهاء على ذلك أن الولي ليس له أن يعفو عن الجاني على الصغير مَجَّانًا، بل يكون بالمُقابِل العدل.

أما عن المقدار الواجب دفعُه: فإنه مبني على مقدار الدية المعمول به، فإن قدر الدية لم يُعيَّن في الكتاب الكريم، وجاء تعيينها في السنة حسب أصنافها من الذهب والفضة والبقر والإبل والشاء، وكانت قيمتها على اختلاف هذه الأصناف متساوية على عهد النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ثم بدأ الاختلال القيمي فيها على زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمِنَ العلماء مَنْ رأى أن الإبلَ هي الأصلُ في الوجوب وبقيةُ الأصناف قيمةٌ لها وبدل منها، ومنهم من رأى أن هذه أصناف مستقلة وليست إبدالا للإبل أو قيمة لها.

وأشار علام إلى أن دار الإفتاء المصرية بعد مجموعة من البحوث والدراسات الفقهية والاجتماعية رأت أن الأنسب في عصرنا هو الأخذ بقيمة أقل صنف من أصناف الدية، لِمَا في ذلك من تحفيز للناس على دفعها، ولأن الأصل براءة الذمة مما زاد على ذلك، وذلك متحقق في الفضة.

ودية الفضة تكون عند الجمهور: خمسة وثلاثين كيلوغراما وسبعمائة غرام من الفضة، أما عند الحنفية فدية الفضة تكون واحدا وثلاثين كيلوغراما ومائتين وخمسين غراما من الفضة، تقوم هذه الكمية بسعر السوق طبقا ليوم ثبوت الحق رضاء أو قضاء، وتتحملها العاقلة عن القاتل، وتكون مقسطة.

أما دية القتل العمد فهي مغلظة، فتكون على قول الجمهور: سبعة وأربعين كيلوغرامًا وستمائة غرام، وعلى قول الحنفية: واحدًا وأربعين كيلوغرامًا وستمائة وستة وستين غرامًا تقريباً.