أرشيف 1967 يكشف كواليس «حرب يونيو» التي لم تنتهِ

تبعاتها لا تزال ترسم سياسات إسرائيل بعد 50 عاماً

نشر في 01-06-2017
آخر تحديث 01-06-2017 | 00:11
إسرائيليون يهود على الحائط الغربي الآن وبعد احتلال القدس في 1967 (أ ف ب)
إسرائيليون يهود على الحائط الغربي الآن وبعد احتلال القدس في 1967 (أ ف ب)
مع اقتراب ذكرى مرور 50 عاماً على اندلاع الحرب عام 1967 بين إسرائيل والدول العربية، في الخامس من يونيو، يتبين لمَن يطالع وثائق تم الكشف عنها في الآونة الأخيرة، أن لفحوى تفاصيل ما دار من نقاش قانوني ودبلوماسي في أعقاب الحرب، وقعاً مألوفاً.

وكرست منظمة "أكيفوت" الأهلية الإسرائيلية، آلاف الساعات على مدار عامين في فحص وثائق نزعت السلطات عنها صفة السرية، وفي إنشاء سجل رقمي لها.

وتُظهِر هذه الوثائق، أنه لم تكد أيام تمضي على الاستيلاء على القدس الشرقية والضفة الغربية في حرب 1967 حتى كانت إسرائيل تفحص خيارات مستقبلهما، بدءاً من إقامة مستوطنات إسرائيلية إلى إقامة دولة فلسطينية.

وتؤكد الوثائق ضآلة ما تحقق من تقدم صوب تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقال مؤسس "أكيفوت" ومديرها ليئور يافني: "من الأمور التي انتبهنا إليها في البداية أن كثيراً من السياسات المتصلة بالأنشطة الحالية للحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة لها جذور ترجع إلى العام الأول من الاحتلال"، مضيفاً: "فالسياسات التي دارت حولها التصورات في وقت مبكر في 1967 أو 1968 تخدم السياسات الحكومية حتى يومنا هذا".

وخلال الحرب، التي استمرت ستة أيام، استولى الجيش الإسرائيلي على 5900 كيلومتر مربع من الضفة الغربية والمدينة القديمة في القدس، وأكثر من 20 قرية عربية على الجانب الشرقي من المدينة.

وعلى الجبهات الأخرى احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان من سورية، وشبه جزيرة سيناء المصرية، وقطاع غزة الذي كان تحت إدارة مصر.

غير أن أصعب الأسئلة المطروحة آنذاك على رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية ومجموعة مختلفة من المستشارين القانونيين تركزت حول أسلوب التعامل مع الاستيلاء غير المتوقع على الضفة الغربية والقدس الشرقية، ومع 660 ألف فلسطيني يعيشون فيها.

وبعد ما يزيد قليلاً على شهر من انتهاء الحرب في العاشر من يونيو 1967، وضع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية مجموعة من سبعة احتمالات لما يمكن أن تفعله إسرائيل بالضفة الغربية وقطاع غزة.

أخذ المسؤولون بعين الاعتبار كل شيء؛ كإقامة دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح تكون عاصمتها أقرب ما يكون إلى القدس، أو ضم المنطقة كلها إلى إسرائيل، أو تسليم معظمها للأردن.

وشرح المسؤولون ضرورة التحرك بسرعة "لأن الانطباع قد ينشأ في غضون ذلك على المستوى الدولي بأن إسرائيل تفرض حكماً استعمارياً على تلك الأراضي المحتلة".

ورغم أن الوثيقة تحلل بالتفصيل فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة فهي تؤيد فكرة ضم الأراضي المحتلة، وفي الوقت نفسه توضح ما تنطوي عليه من مخاطر.

أما الخيار الرابع، الوارد تحت مسمى "الحل التدريجي"، فربما كان أقرب شيء إلى الوضع القائم حالياً، متمثلاً في خطة لإقامة دولة فلسطينية في حال التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والدول العربية.

وقال المؤرخ الإسرائيلي البارز صاحب كتاب "1967 - إسرائيل والحرب والسنة التي غيرت وجه الشرق الأوسط" توم سيجيف، إن "حرب الأيام الستة لم تنتهِ فعلياً".

وأضاف سيجيف أن "اليوم السابع استمر منذ ذلك الحين على مدار الخمسين عاماً الأخيرة. وهو يؤثر علينا وعلى الفلسطينيين... في كل يوم وفي كل دقيقة".

وربما كانت أصعب المناقشات وأكثرها تفصيلاً من الناحية القانونية تدور حول مسؤوليات إسرائيل بمقتضى القانون الدولي، وما إذا كان بوسعها بناء مستوطنات.

ويعتبر الفلسطينيون ودول كثيرة المستوطنات الإسرائيلية على الأرض المحتلة مخالفة للقانون. وترفض إسرائيل ذلك، وتستشهد بروابط تاريخية وتوراتية وسياسية تقول، إنها تربطها بالضفة الغربية والقدس الشرقية، كما تستند إلى اعتبارات أمنية.

وبعد حرب 1967 ضمت إسرائيل القدس وأصبحت تعتبر المدينة كلها "عاصمة أبدية لا تتجزأ" لها، غير أن هذا الوضع لم يحظَ بالاعتراف الدولي. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وفي حين أن المستوطنات كانت في سنواتها الأولى ذات طابع عسكري، وفي كثير من الأحيان مؤقتة، فإن مشروع الاستيطان يحظى الآن بدعم حكومي كامل، حيث يعيش نحو 350 ألف مدني في الضفة الغربية، وله كل سمات الدوام.

وفي أعقاب الحرب لم يغفل الجيش أو رئاسة الوزراء أو وزارة الخارجية أو اللجان المعنية أو السلطات الدينية أي جانب من جوانب استيلاء إسرائيل على الأرض.

وفي مذكرة بتاريخ 22 يونيو 1967 كتب المستشار السياسي بوزارة الخارجية مايكل كوماي إلى نائب المدير العام للوزارة يقول، إنهم بحاجة إلى توخي الحذر في استعمال عبارات مثل "الأراضي المحتلة" أو "قوة الاحتلال"، لأنها تدعم وجهة نظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي ترى أن السكان المحليين يجب أن يتمتعوا بحقوقهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

وكتب يقول "ثمة بديلان، فإما استخدام عبارة أراضي الحكم العسكري، أو الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل"، موضحاً أنه يفضل العبارة الثانية على الصعيد الخارجي. وحتى الآن تتحاشى الحكومة الإسرائيلية الحديث عن الاحتلال، وتشير إلى الضفة الغربية بوصفها "الأراضي المتنازع عليها".

back to top