خاص

أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة الفيوم الدكتور عادل سالم لـ الجريدة.:

الفهم المنقوص للإسلام يؤدي إلى التكفير
«الأحاديث الضعيفة واجتزاء النصوص من وسائل المتطرفين لتبرير مواقفهم»

نشر في 02-06-2017
آخر تحديث 02-06-2017 | 00:00
عادل سالم متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
عادل سالم متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
أكد أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة الفيوم، الدكتور عادل سالم، أن الفهم المنقوص لصحيح الدين الإسلامي أحد أسباب انتشار ظاهرة التكفير، لافتاً إلى أن المتشددين والمتطرفين يعتمدون على الأحاديث الضعيفة، واجتزاء النصوص من مضمونها، لتبرير مواقفهم وأفكارهم الشاذة.
وأوضح سالم في حوار مع "الجريدة" أن تعامل مؤسسة الأزهر الشريف مع قضية التكفير بحذر شديد يعود إلى التخوف من إشعال فتنة مشابهة لفتنة خلق القرآن، مشيراً إلى أن مصر لعبت دوراً بارزاً في التاريخ الإسلامي بقضية تجديد الخطاب الديني... وإلى نص الحوار:


• كيف ترى الجدل الذي يثار دائماً حول قضية التكفير؟

- في الواقع هذه القضية قديمة حديثة، ومن الممكن أن نرجعها إلى مجموعة من العوامل، أهمها الفهم المنقوص للإسلام، وهذا يعد سمة أساسية في دعاة الطرف والغلو، فالإسلام دين يشمل كل نواحي الحياة الحضارية والسلوكية والسياسية، لكنها عملية إفراط أو تفريط في فهمهم وفي مقاصدهم وتعبيراتهم ، وذلك النوع من الفهم السطحي موجود عند القدماء بدءاً من فرقة الخوارج، فقد كانوا لا يأخذون من النصوص إلا المعنى الحرفي أو ظاهر النص فقط دون الفهم الصحيح لمقاصد القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، فضلاً عن ذلك ستجد أن هناك من يغالي في الفهم فيجعل لكل ظاهر من ظواهر النصوص باطناً مثل فرقة الباطنية، وهما نقيضان لبعضهما البعض.

ومن هذه الأسباب أيضاً التعصب لآراء علماء أو مشايخ أو أحزاب أو فرق محددة، حيث يرى هؤلاء أنهم يمتلكون وحدهم الحق، أما غيرهم فمن الوارد أن يخطئ.

• ما آليات التصدي لهذه الأفكار المتطرفة في ظل استناد المتشددين لبعض كتب التراث في الترويج لآرائهم؟

- دعنا نتفق أن كثيراً من الناس يوظفون الأدلة أو النصوص لفهمهم الخاص، وهذا الأمر كان موجوداً قديماً، حيث إن الفرق الإسلامية كانت توظف النصوص لخدمة أفكارهم ووجهة نظرهم، وفي العصر الحديث هناك من يقومون باستخدام الإسقاط المنهجي لآراء معينة، لتأكيد صحة مواقفهم، والاستناد إلى الأحاديث الضعيفة إحدى الوسائل الممنهجة التي يستخدمها هؤلاء المتطرفون لتبرير مواقفهم، بالإضافة إلى اجتزاء النصوص وإخراجها من مضمونها الصحيح، ولابد من التعامل بحذر مع هذه الأفكار والتصدي لها من خلال الفهم والتدبر والنظر بعمق لمدى صحة هذه الآراء، وهنا يقع على عاتق الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف الدور الأكبر في التصدي لهذه الأفكار، كما تلعب كذلك وسائل الإعلام دوراً بارزاً في هذا الصدد.

• هل تعامُل مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف بحذر مع التكفير يأتي في إطار التخوف من انتشاره؟

- من يقرأ صفحات الفكر الإسلامي سيجد دائماً أن التاريخ يعيد نفسه، فضلاً عن فكرة أن الكثير من المعاصرين يستدعون الموروث الحضاري أو بعض القضايا الشاذة في الموروث الفكري، فلو فتشنا عن قضية التكفير لوجدنا أن لها إرهاصات أو جذوراً قديمة تخصها في مسار الحضارة الإسلامية، فالتشدد والغلو موجود منذ عصر صدر الإسلام، وحذّر منه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فهناك من كان يغالي في العبادة وفهم العقيدة الإسلامية، وهناك من الفرق الإسلامية من يوسع في فهم النصوص، وفي المقابل هناك من يضيق أشد التضييق، كما حدث على سبيل المثال في فتنة خلق القرآن، حيث تم فرض الآراء على الناس عنوة بطريقة لا يقبلها العقل، وهو ما كان له مردود سيئ في حضارتنا.

• كيف ترى تجديد الخطاب الديني من وجهة نظرك؟

- المقصود بتجديد الخطاب الديني هو تنقيح الدين من الشبهات أو الأغاليط، ودائماً ما ستجد أن بعض الفرق قديماً وحديثاً كانت تستدعي قضايا تثير الشبهات حول الدين الإسلامي، وهنا ننبه على دور الإمام أبي الحسن الأشعري الذي تصدى قديماً لهذه الأفكار، وهو نفس الدور الذي لعبه الإمام محمد عبده في العصر الحديث في مواجهة الفكر الجامد والمتطرف.

ومن الأمور التي ينبغي أن تلاحظ في هذا السياق دور المصريين في تجديد الخطاب الديني، فلو تتبعنا التاريخ الإسلامي ومراحله وتطوره لوجدنا أن للمصريين دوراً لا يُنكر في مسألة التجديد.

back to top