وبالوالدين إحساناً!
تحولت بعض الحدائق العامة في القاهرة إلى مأوى لنساء عجائز، وصارت الظاهرة تنافس أطفال الشوارع، وتحتاج إلى وقفة مجتمعية وإنسانية، والنظر بعين الرحمة إلى عشرات المسنات اللواتي هجرن منازلهن لأسباب متباينة، وأهمها جحود الأبناء، وضرورة حمايتهن من التشرد في خريف العمر."الجريدة" تجولت في بعض الحدائق، لترصد حكايات هؤلاء المسنات. في حديقة العتبة - وسط القاهرة، قالت هدى محمد (60 عاماً) إنها تقيم فيها منذ 7 سنوات، وإن لديها ثلاث بنات متزوجات، لا يسألن عنها، وبعد وفاة زوجها، اضطرت لترك بيتها، وتدبير نفقاتها، من خلال تقديم أكواب الشاي لرواد الحديقة، مقابل جنيهات قليلة.
ومنذ خمس سنوات، تقيم رشا حسن (55 عاماً) في الحديقة ذاتها، وتقول إنها تعيش ظروفاً قاسية بعد وفاة زوجها، وانشغال أولادها الأربعة بحياتهم الخاصة، لذا قررت أن تقيم في الحديقة، حتى لا تكون عبئاً عليهم. في حديقة الأوبرا، ذكرت نادية محمود (60 عاماً)، أنها كانت تقيم مع ابنها وزوجته، لكن الخلافات دفعتها للإقامة في الحديقة، لتعيش في هدوء.ولا تختلف حال سامية إبراهيم (65 عاماً)، التي تقيم في حديقة بميدان مصطفى محمود في ضاحية المهندسين، حيث قالت: "بعد وفاة زوجي، طردني ابني من الشقة، وأقيم في الحديقة منذ أربع سنوات، وأنفق على طعامي ودوائي من قيمة معاشي الشهري البسيط". الخبير النفسي عطية عتاقي، قال لـ"الجريدة" إن هؤلاء السيدات ضحايا ظروف اجتماعية قاسية، وتجرد بعض الأبناء من الرحمة، ويحتجن إلى رعاية عاجلة من المؤسسات المعنية، فأوضاعهن لا تقل خطورة عن أطفال الشوارع.