أمة أقرأ
أتوقع في هذه السنة أن مشكلة القبول في الجامعة ستتفاقم في ظل تأخر القرارات الخاصة بإنشاء جامعات حكومية أخرى، ناهيك عن سياسة التقشف التي رمت بظلالها على الجداول الدراسية بما يسمى مشكلة الساعات الزائدة والفصل الصيفي، مما يترتب عليه زيادة في مدة سنوات الدراسة وتأخر تخرج الطلبة.
تناولت وسائل الاجتماعي مقطع فيديو لمجموعة صغيرة من طالبات الثانوية العامة احتفلن بنهاية العام الدراسي على طريقة الزفة المصرية، هذا الاحتفال وإن كان لا يمثل الغالبية لكنه تصرف يعود بنا إلى مقاطع أخرى قام بها بعض الطلاب بتمزيق وحرق الكتب الدراسية تعبيراً عن النشوة والفرح.كل هذه التصرفات وعلى فرض سلبية بعضها لكن الأكثر سلبية منها تمثل بردود أفعال بعض نواب الأمة الذين انتقدوا فيها هذا التصرف باعتباره من الظواهر السلبية، دون أن يلتفتوا إلى الأسباب التي دعت الطالبات إلى هذا التصرف، وبما أن حادثة الزفة المصرية حدثت في الكويت وأخذت بعداً إعلامياً، وصورت على أنها قضية سوء سلوك تقتضي محاسبة مرتكبيها، فإن هذا يدل على سذاجة الطرح، من خلال تجاوزهم الصارخ الحقيقة التي تمس تدهور التعليم باحتلاله ذيل قائمة التصنيف العالمي.الحقيقة المرة التي يجب إيجاد الحلول لها تكمن في قراءة مستقبل التعليم الذي تأخر كثيراً بموجب مؤشرات التصنيف العالمي؛ مما يدل على غياب الرؤية المرتبطة بجودة التعليم والمستقبل الوظيفي لخريجي الجامعات والمعاهد، وعن مدى استفادة الدولة من تلك المخرجات في برنامجها التنموي ورؤيتها 30-35.
الأسئلة المطروحة أمام مسؤولي التعليم كثيرة، وفي مقدمتها السياسة العامة ومستقبل التعليم، وهل هو صناعة أم شهادات تمنح فقط؟ فإن كانت الإجابة تضع التعليم في خانة الصناعة والاستثمار في الشباب، فالوضع لا يسير في هذا الاتجاه ولا بد من التغيير، وعلى مؤسسات التعليم أن تقدم رؤيتها ضمن خطط وبرامج يمكن قياس كفاءتها على نحو يحقق الجودة الشاملة والأهداف المرجوة منه. منذ سنوات ومؤسسات التعليم العالي تواجه مشكلة تزايد أعداد خريجي الثانوية العامة وتكدسهم في بعض التخصصات دون أن تقدم الحلول الناجعة، ففي كل مرة تدور الاقتراحات على نفسها، فمرة يأتي الحل عن طريق زيادة كراسي الابتعاث الداخلي والخارجي، وتارة أخرى بالضغط على التطبيقي والجامعة بقبول أكبر عدد من الطلبة دون مراعاة للطاقة الاستيعابية، ولا حاجة البلد من الخريجين.كل سنة يطل علينا شبح القبول، ولكن في هذه السنة أتوقع المشكلة ستتفاقم في ظل تأخر القرارات الخاصة بإنشاء جامعات حكومية أخرى، ناهيك عن سياسة التقشف التي رمت بظلالها على الجداول الدراسية بما يسمى مشكلة الساعات الزائدة والفصل الصيفي، مما يترتب عليه زيادة في مدة سنوات الدراسة وتأخر تخرج الطلبة. سمعنا أن هناك نية لإلغاء الميزانية المخصصة للساعات الزائدة للعام الدراسي القادم في كل من "التطبيقي" والجامعة، وإن الهدف من هذا القرار حمل إدارة "التطبيقي" والجامعة على فتح باب التعيينات لمواجهة النقص في أعداد هيئة التدريس مما يدل على التدخل السياسي في العمل الأكاديمي وخروجه من دائرة الرقابة والمحاسبة. ودمتم سالمين.