هو ذاك الصوت الصغير في داخلك، الذي يدفعك نحو شغفك ورسالتك في الحياة.

هو الإحساس الذي يسبق اتصالا هاتفيا من صديق تذكرته للتو.

Ad

هو صوت تقلصات معدتك ليخبرك أنك على وشك اقتراف قرار غير صحيح، فيحميك من أذى وشيك.

هو الفراشات التي تحوم في داخلك مبشرة بحماس نجاح خطوتك القادمة.

هو الحلم الغريب الذي سرعان ما تظهر أصداء رمزيته على أرض واقعك.

هو القوة التي يخالها البعض ضعفاً.

هو المحرك الأعظم للإنتاجات البشرية من فنون وثقافة، والملهم في الاكتشافات العلمية كذلك.

هو الإيمان الذي يجعلك تستمر بالرغم من كثرة المقاومة والضغوط من حولك.

هو أحداث كثيرة شفافة لا تجد لها تفسيراً، ولا نجد اسماً دقيقاً له... يسميه البعض حدساً أو بصيرة، ويطلق عليه آخرون "الصوت الداخلي"، وأرى أنه وجدان أعمق من كل هذه التسميات.

فسره علماء النفس على أنه تراكمات الخبرة الحياتية في العقل الباطن، التي تجعل توقعات المرء وتقديره للأمور أقرب إلى الصواب، وحلله علماء الطبيعة على أنه غريزة بيولوجية وجدت لإبقائك على قيد الحياة، ورآه الفلاسفة والروحانيون على أنه إلهام إلهي من السماء. قد يكون مزيجاً منها كلها، أو قد يكون أحدها... لا أدري! ولكن، أياً كان تفسيره فهو أداة فعالة وبوصلة رائعة للملاحة في أسبار هذه الحياة.

يتضح ذلك الصوت جلياً عند ابتعادك عن صخب الحياة وتشتيت الهاتف الذكي، والاختلاء بنفسك والتمهل قليلاً. ويخفت ويذوب بالانغماس في الماديات وروتين الحياة اليومي وعاديته الرمادية إلى أن يصل إلى درجة لا تكاد تسمعها. هو بوصلتك الداخلية، تحركك باتجاه شغفك وتقيك من تعاسة حياة لا تناسبك. تزداد دقتها كلما أحسنت الإصغاء لنفسك وتضعف كلما تجاهلتها. فهي كالعضلة، يمكنك تدريبها وإعادة تأهيلها بعد سنوات من الإنكار ورؤيتها كأوهام فحسب.

قلبك يعرف، فاستمع إليه حتى إن لم يتفق نداؤه مع أهواء من حولك، ذلك هو سبيلك الوحيد، وستشقى إن أفنيت حياتك في إرضاء الآخرين على حساب هذا القلب المسكين!