مدخل علمي لعالم الأحلام!
تجولت، كعادتنا نحن الخليجيين، في أرض معارض الكتاب الذي يفتتح كل عام، لأجد في الأكشاك كتباً تعلمنا كيفية طبخ البطاطا ومجلدات كيف نفسر أحلامنا، فلما طالعت أحد كتب تفسير الأحلام وجدت الفهرس مليئا بقوائم المطاعم! ليخبرك الكتاب بأنك إذ رأيت مطر التمر بمنامك فإنك ستحصل على أمنيتك عاجلاً، وإذا ظهر لك تين فعمرك طويل! وفجأة، أذيع تصريح شركة الإمبراطورية المعلوماتية «غوغل» بأنها ستكون أول منتجة لآلة تصوير الأحلام بالفيديو! فرنّ هاتفي النقال بجرس استلام رسالة «SMS»، وكانت الرسالة من «قناة تلفزيونية» بأنها ستفسر لي أحلامي على الهواء مباشرة بقيمة دينارين، فوجدتني متحفزاً لتحليل علمي لما يسمونه بعالم الأحلام.الدماغ تترسب فيه أحاسيس الإنسان اليومية، ليخلد للنوم ويدخل طبقات النوم السبع، ومنها قولهم «فلان في سابع نومة»؛ ففي إحدى الطبقات يدخل الإنسان بحالة «REM» وهي وضعية حركة العين السريعة تكون لها مدة وجيزة، بحيث تتحرك قرنية العين بسرعة لليمين والشمال، نتيجة لفرقعات الكهرباء الدماغية المخزونة، فأثناء الساعة التي كنت تسبح فيها بالبحر سبقها إفطارك الذي سكب فيه الطفل الحليب على ثياب والدته، وفي ذات الحين كنت تسمع صوت «وحش» من الرسوم المتحركة بالشاشة، يتكون التحشيد الذهني لكل هذه الفسيفساء المعرفية مشكلاً صورة مضغوطة لحلم بحر من لبن يسبح فيه وحش يتصرف بكوميدية.
أراد العلماء وضع اللواقط الكهرومغناطيسية على الدماغ أثناء النوم، فتقدم متطوعون من كوريا لارتداء قباعات مطاطية تحوي تلك اللواقط، ليجدوا تهيج مراكز الدماغ بشدة فقط أثناء مرحلة (REM)، مع عدم تنشيط مناطق دماغية في هذه الأثناء، مما يؤكد أن الأحلام كبس عقلي لما استقبله الإنسان من أحاسيس ولا تزيد على ذلك، ولكن ما رأي الإسلام في ذلك؟قطة سوداء على غلاف أغلب كتب التفسير للإثارة وعنوان طويل يحمل اسم عبدالرحمن بن سيرين المشهور في زمنه بتفسير الأحلام، ولكن علماء الجرح والتعديل أكدوا عدم ثبات صحة تلك التفاسير، وأن ما في الكتب هو «كبكبة» من ظنون وتصورات صبتها إشاعات ومزاعم، ولكننا سمعنا أخبار تفاسير الأنبياء والصالحين، فكيف نعتبرها مجردة مغنطة دماغية؟ العلماء المسلمون قسموا الأحلام ثلاثة أنواع، أضغاث الأحلام، من الشيطان، وتشمل الكوابيس التي نهانا النبي عن الإخبار بها، والثاني يكون الرؤية الصالحة التي تحمل معنى روحانيا، كمن يحلم أنه صلى بمسجد مع الصحابة، فهذه تعد كرامة، ولكن يمنع الشرع الحنيف أن يؤخذ منها حكم فقهي جديد، أما غيرهما فمجرد سيناريوهات عصبية وهرمونية، وهي التي ترى شركة غوغل احتمالية تصويرها وقراءة كل التموجات الكهرومغناطيسية بالدماغ، فإذا اشتغلت منطقة دماغ الحالم اثناء النظر لما هو أحمر وتزامنت مع منطقة استثارت منطقة الإحساس بالحرارة، يبدأ الجهاز بتشكيل صورة نار، وهكذا حتى استيفاء كل عناصر المشهد، وستواصل الشركات تطوير هذا الجهاز حتى تنجح في توفير خدمة «منتج حلمك الليلة»، وليكون الكابوس الحقيقي هو تنزيل إعلانات حتى أثناء النوم!