عن المثقف الخاوي أحدّثكم
يُعرف بين المحيطين به بأنه موسوعة تمشي! لا ينطق عن غي وعي، وبوسعه أن يسرد لك بعد كل معلومة يقولها ثلاثة مراجع تؤكدها، لكنك عندما تسأله عن رأيه أو استنتاجه أو تحليلاته لهذه المعلومات يأخذك مرة أخرى ويرميك في دوامة قال فلان ومن كتاب فلان.وإذا أخبرته، مع احترامك لمن يتحدث هو من خلالهم، أن لك وجهة نظرك أو قناعاتك، فهو في هذه الحالة سيضعك في منزلة التحقير والتصغير، وقد ينعتك بالجهل، فمن أنت ليكون لك رأي مقابل من قرأ هو لهم، متناسيا كل أولئك العظماء من العلماء الذين انطلقوا من نظريات من سبقهم وطوروها، وأضافوا عليها الكثير بالرغم من محاربة المجتمع العلمي لهم، ولاقوا النجاح بعد الصبر والمثابرة، ولم يقل أحدهم لنفسه من أنا لأخالف كلام من سبقني؟!
هذا المثقف هو كالبوق الذي ينقل ما كتب الأوّلون بلا أي تحليل أو إضافة أو تفاعل فكري، بل أحيانا إن طلبت منه تحليل أي عمل أو نظرية بحسب نهج المدرسة التي ينتمي إليها أو العالم الذي يتبعه فستجده قد ضاع تماما، محاولاً الاستنجاد بذاكرة حفظه التي لا تسعفه، ويصل إلى مراتب التقديس لشخص العلماء، ويمتد تقديسه لأشباه العلماء كذلك ما داموا خاضوا غمار القضية، واشْتُهِرت أسماؤهم فيها، هو إمّعة لكن من النوع الراقي.بالمناسبة تستطيع كشف هذا البوق المتنكر بزي الثقافة بسهولة، فكل ما عليك هو أن تسأله عن رأيه في القضايا المحيطة بمجتمعه؛ هذا إن كان له رأيٌ فيها من الأصل!