قصص أميركا اللاتينية!

نشر في 03-06-2017
آخر تحديث 03-06-2017 | 00:15
 د.نجم عبدالكريم بعد أن حصل غارسيا ماركيز على جائزة نوبل للآداب عن رواية مئة عام من العزلة، وتمت ترجمتها إلى اللغة العربية في أوائل الثمانينيات فُتح أمامي باب جديد للقراءة عن أدب هذه القارة الثرية بمعطيات أدبية كانت مجهولة -إلا القليل منها- بالنسبة لي، ومنذ ذلك التاريخ وأنا أتابع أدب أميركا اللاتينية... ومن ضمن ما قرأت هذه الحكاية.

***

• "أليس ليش" هي ليست من أميركا اللاتينية لكنها أيرلندية حسناء كانت تعيش في باريس، فأصبحت بطلة باراغواي الوطنية، حيث نُقل جثمانها من باريس عام 1961، بعد أن قرر البرلمان نقل رفات بطلته منذ قرنين إلى أرض باراغواي.

• كيف أصبحت الأيرلندية بطلة ثورية في باراغواي؟!

في باريس وقع في غرامها الشاب الجنرال سولانو لوبيز -ابن رئيس جمهورية باراغواي- ورغم معارضة والده الشديدة أدخلها العاصمة -السونيسون- لتقيم في قصره بالضواحي، وكانت إقامة شبه سرية، بحيث إنها لم تكن تزور أو تُزار، ولم يكن يخفف عنها غير زيارات الحبيب الأسبوعية، والتجوال معه في حديقة القصر بصحبة أولادها الثلاثة منه.

توفي والده، وكان هو نائباً لرئيس الجمهورية، وأثناء اتخاذ الإجراءات لتنصيبه للرئاسة انفرد بالحبيبة قائلاً:

- أنتِ تدركين حرج الموقف، وهناك رغبة من الجميع في أن تتركي البلاد، لأن وجودك هنا سيشكل عائقاً كبيراً لي كرئيس للجمهورية!

- أترك البلاد؟ وأين أذهب؟! بعد خمسة عشر عاماً وثلاثة أولاد يا سولانو تطلب مني أن أترك البلاد؟

- حبيبتي بعد أن تتم الانتخابات وأتولى الرئاسة ستعودين ليس في هذا القصر وإنما في قصر الرئاسة.

- أهذه رغبتك أنت؟!

- بل هي رغبة خصومي السياسيين ورغبة رجال الدين!

- أين أذهب؟

- باريس.

- والأولاد؟!

- معكِ... اتركي لي باتشو فهو كبير وأحتاج إليه.

***

• في باريس كانت تتلقى الأخبار: ان الحبيب دخل في معارك طاحنة مع الدول المجاورة، فعقدت العزم على العودة، وأصرت على الإقامة في القصر الجمهوري مع أولادها، رغم سخط المؤسسة الدينية وأقرب المقربين إليه من السياسيين.

• ولما وصلت قوات كامارا رئيس البرازيل مع القوات الأرجنتينية إلى حدود باراغواي كان لابد لسولانو أن يترأس الجيش والسير نحو صد العدو... فقالت له الحبيبة:

- سأذهب معك.

- أليس هذه حرب يا حبيبتي.

- سأحارب معك.

- يا حبيبتي صُحفهم تقول إنهم سيهزموننا خلال ثلاثة أشهر.

- لن تُهزم ستسحقهم وشعب باراغواي كله معك، لن أفارقك لحظة واحدة.

• وارتدت ملابس المحاربين مع أكبر أبنائها فهتف لها الشعب، وتعاطفت معها البلاد كلها، بعد أن قُتل زوجها وولدها في المعارك، وصارت هي التي تقود المقاومة في الغابات على شكل حرب عصابات.

• وأرسل لها كامارا مندوبه ليتفاوض معها، فكان ردها:

- أيها الضابط، إن باراغواي كلها ستحاربكم، وستنتصر عليكم أبلغ هذا لقائدك.

***

• ولما اجتاحت قوات البرازيل والأرجنتين باراغواي دبرت لها العناصر الوطنية طريقة للفرار إلى باريس.

ولما اتخذ البرلمان قراراً بنقل رفاتها دُفنت إلى جانب حبيبها وولدها.

back to top