أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، رغم أنه كان متوقعاً، حالة من الصدمة في الأوساط الأميركية السياسية والاقتصادية، وكذلك في الأوساط الدولية، خصوصاً في أوروبا، التي وجدت نفسها فجأة في الجبهة الأمامية لقيادة العالم، وهو أمر تخلفت عنه القارة العجوز منذ سنوات طويلة، كانت الريادة المطلقة خلالها للضفة الغربية للأطلسي.

وبقراره الذي أعلنه مساء أمس الأول من حديقة البيت الأبيض، قفز ترامب فوق كل الاعتراضات والتحذيرات السياسية في الداخل الأميركي، التي تخوفت من تراجع نفوذ وحضور البلاد على الساحة الدولية بسبب هذا «القرار الرجعي»، كما غضّ الطرف عن مواقف مجتمع الأعمال الذي أجمع على رفض هذه الخطوة ووصفها بأنها خطيرة وغير مفيدة.

Ad

وفي كلمته التي أعلن فيها القرار المثير للجدل، قال الرئيس الجمهوري إن الاتفاقية «لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة، وغير عادلة إطلاقاً»، كما أنها ليست حازمة بما يكفي مع الصين والهند، معرباً عن رغبته في التفاوض بشأن اتفاقية جديدة أو معاودة التفاوض على الاتفاقية القائمة.

الرد الأوروبي على ترامب جاء حازماً، من خلال بيان ثلاثي ألماني ـ فرنسي ـ إيطالي، يرفض العودة إلى الوراء ويجدد التزام الاتحاد الأوروبي بالاتفاقية، مع تعهده بسد الثغرة الكبيرة التي سيحدثها خروج واشنطن، خصوصاً من ناحية التمويل ومساعدة الدول الفقيرة على اعتماد معايير بيئية معقولة.

وأخد الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون الذي يوصف بأنه «أوباما فرنسا» على عاتقه مواجهة ترامب بلغة هجومية، مستعيراً منه شعار «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً»، ليحوله إلى «لنجعل كوكبنا عظيماً مجدداً»، مكرراً الدعوة التي وجهها، قبل انتخاب ترامب، إلى العلماء والاقتصاديين الأميركيين للانتقال إلى فرنسا.

أما الصين، التي تجد نفسها في موقف مريح مهما كانت نتيجة «الشقاق الغربي» الدائر، فقد أكدت التزامها بالاتفاق، واختارت حتى الساعة الجانب الأوروبي على ترامب، في حين استغلت روسيا هذا الموقف لتعلن أنها ستوقع الاتفاقية بحلول عام 2020.

جاءت هذه التطورات في وقت أحالت إدارة الرئيس الأميركي إلى المحكمة العليا مساء أمس الأول قضية مرسوم الهجرة، الذي علقته محكمة استئناف فدرالية في فرجينيا في أواخر مايو الماضي.

ويمنع المرسوم، الذي أعادت إدارة ترامب صياغته بعدما علقه القضاء الأميركي مرة أولى، المهاجرين من كل أنحاء العالم والمسافرين من ست دول هي سورية واليمن وليبيا وإيران والصومال والسودان من دخول الولايات المتحدة.