«من إيكاريوس إلى تويتر: الرموز المعاصرة»، عنوان معرض تنظمه غاليري «أليس مغبغب» في بيروت (يستمر لغاية 30 يونيو 2017)، ويتضمَّن منحوتات ولوحات حول الطيور، لفنانين من أنحاء العالم رسموها في السنوات العشرين الأخيرة. تتنوّع أشكال الطيور ورموزها في اللوحات، تارة هي رمز للحرية والحلم أو الجحيم والموت، وتارة أخرى تعكس رغبة في الحياة. أما الطير المستقل الذي يسحر ويثير تساؤلات عندما يفرد جناحيه، فهو محطّ تكريم أعمال جماعية ضخمة، تتميّز بخصوصية في التعامل مع مفهومها للطيور.
من أبرز اللوحات المعروضة، تلك التي رسمت فيها التشكيلية فاديا حداد «الفقاريات المجنحة»، التي تسمح لرغباتها وحدها بأن ترشدها، وفي سلسلة «حالمون بالمرادفات»، رسمت طاقة الطيور خلال صعودها إلى السماء، وتماشياً مع الرسام والنحات الإسباني خوان ميرو قدمت عملاً من مادة الأكريليك على مساحة بيضاء معززة بالورق، تذكر بنصب مركز في الهواء الطلق. هكذا نقلت فاديا حداد الرسالة بطريقة مختلفة من دون أن تكون متناقضة. اكتسى الجدار الأبيض في غاليري أليس مغبغب بلوحة الطيور الضخمة للفنان الياباني تاكايوشي، وهي تندرج ضمن سلسلة من رؤوس الطيور استخدم فيها ورق الذهب، توحي للوهلة الأولى، بكثير من العنف. الرمادي المعدني الذي يظهر فيه الطير هو نقيض الإحباط، والأشكال دقيقة وحادة، تنقض بمخالبها على الحشرات. يتضمَّن المعرض أيضاً أعمالاً لدانيال شومبري، وباسكال كورسيل، ونانسي دبس، وفاديا حداد، وأندريه هوشر... كل يعطي تفسيره الخاص حول الطيور، مع الحفاظ على الخيط الذي يقود إلى الحرية. تعكس التماثيل الثلاثة للفنانة البريطانية إيما رودجرز، تحولات، في إشارة إلى دراما فيلومينا (قصة امرأة إيرلندية يختفي ابنها بالتبني) وذلك لإبراز الانقسام القوي بين قوة الحياة وقوة الموت.انبثقت فكرة المعرض عندما انتشرت أخبار حول ضرورة التخلص من طائر النورس، بسبب وجوده بكثرة حول مطار رفيق الحريري الدولي، بحجة أنه يعوق حركة الطيران. أرادت أليس مغبغب من خلاله أن تعطي رؤية شاملة لحضور هذا الطائر الذي يحلق حول الضوء ويرمز إلى الحرية. الرموز المعاصرة تذكر بانتشار طاقة الحياة. تتحدى الغياب، وترى في العذاب وسيلة للخلق والتمكين والهروب.
عوالم ويلي عرقتنجي
بين 9 يونيو و18 سبتمبر، يعرض الرسام التشكيلي اللبناني ويلي عرقتنجي في متحف سرسق في بيروت، أكثر من 120 لوحة (نفذها بين 1973 و2003) تحت عنوان «عوالم ويلي عرقتنجي»، ينتهج فيها أسلوباً أكثر دقة، واصفاً اللوحات بأنها ساذجة أو بدائية.يتميّز عرقتنجي بتدرجاته في الألوان، وتأثره بالحكايات والخرافات وقصص الأطفال على غرار: جيها، طرزان، وعبلة وعنتر، وآدم وحواء، وقصص على ألسنة الحيوانات للكاتب الفرنسي لافونتين. عالم عرقتنجي تسكنه المخلوقات والحيوانات بما في ذلك الأسود والثعالب والغربان والقردة، وتتلون فيه الحياة بألوان زاهية.عرقتنجي في سباق مع جمالياته الخاصة وعنصر الفكاهة، ويلعب مع الاختلافات للحصول على نسخ عدة لمقترحاته. هكذا يبدو وجه عبلة ملوناً بالأصفر والأخضر بالتناوب، على رأسها طربوش أو قربها كعكة عالية.يندرج هذا المعرض ضمن مجموعة من 224 لوحة زيتية قدمتها عائلة عرقتنجي إلى متحف سرسق. تصوِّر كل لوحة إحدى القصص الواردة في كتاب لافونتين. بدأ العمل على هذه اللوحات عام 1989 واستكملت عام 1995 في الذكرى 300 لوفاة الكاتب الفرنسي.عايدا حلوم
تعرض الرسامة التشكيلية اللبنانية عايدا حلّوم مجموعة من أحدث لوحاتها في غاليري عايدا شرفان، في بيروت، مستلهمة من الطبيعة لغة تشكيلية رومانسية تنتفي فيها التفاصيل لتبرز الجوهر، وهو حب لامحدود للطبيعة- الأم التي هي رمز الكيان والهوية والوجود. ولدت عايدا حلوم في الكويت عام 1967، ونالت إجازة في الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية- بيروت. كرّست ريشتها لاستكشاف مكامن الأصالة والتجديد في الطبيعة اللبنانية، معتمدة الألوان الزاهية لتعبر عن مدى اتحادها بها. تعمل عايدا حلوم بالشراكة مع الطبيعة، ما ولَّد لديها قناعة عميقة بضرورة إقامة تحالف معها، لذلك تبدو لوحاتها غنية ونابضة بالحياة، تتداخل فيها الصخور والعناصر الأخرى مع بعضها بعضاً، ويضفي تأليف اللوحة، بما يحتوي من جماليات التشكيل، نوعاً من الراحة لدى الرائي، بعيداً عن أي ضغط نفسي. وقد عمدت عايدا حلوم إلى أسر اللحظات الجميلة في لوحاتها من خلال إضفاء الألوان الفرحة، فتبدو الجبال وردية والبحيرات والأشجار زرقاء، صفراء... ذلك كله ضمن خط يمزج بين الأصالة والتجديد، من دون التخلي عن العفوية التي تبرز واضحة ضمن أسلوب تجريدي تعبيري تطغى عليه الهندسة في الشكل والغنائية في اللون، لإعطاء هوية محددة للوحات.