قبل أيام من الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة الخميس المقبل، والتي تنتظرها بريطانيا بترقب شديد، وبعد أسابيع على الهجوم الإرهابي الذي استهدف حفلاً غنائياً في مدينة مانشستر موقعاً 22 قتيلاً، كانت العاصمة البريطانية، أمس ، على موعد مع هجوم إرهابي كبير، نفذه 3 مهاجمين على الأقل في منطقة استراتيجية.

Ad

تفاصيل العملية

في البدء، انقضت شاحنة صغيرة بيضاء بسرعة على المارة على جسر لندن بريدج فأوقعت عدداً من المصابين، وبعدما هرع من أفلتوا من الدهس لمساعدة المصابين، التفت الحافلة التي كانت تسير بسرعة 50 ميلا في الساعة، وانقضت بسرعة مجدداً على الناس المتجمعين على الطريق.

وقال الساندرو، أحد الشهود: "رأيت الحافلة الصغيرة تتحرك بسرعة يمينا ويسارا، لتصدم أكبر عدد من الناس". وأضاف "حاولنا مساعدة خمسة أو 6 أشخاص، كلهم شباب".

طارت 6 أمتار

وقال مارك الذي كان في وسط شارع لندن بريدج يلتقط صورا لمبنى تاور بريدج، إن الحافلة كانت "تتحرك مسرعة من جانب لآخر. رأيتها تصدم الناس. صدمت فتاة ورفعتها 6 أمتار عن الأرض. مسكينة. رأيتها تطير في الهواء".

وأضاف "كان هناك ما بين 5 إلى 6 أشخاص على الأرض، لاشك أنهم أصيبوا بجروح خطيرة".

وقالت دي البالغة 26 عاماً، وهي من سكان لندن "أنا متأكدة أنه اعتداء إرهابي. رأيت الشاحنة الصغيرة تنحرف جنوبا وتصدم سور جسر لندن بريدج، ثم خرج منها رجل يحمل سكينا. كان يجري ثم نزل الدرج وتوجه إلى حانة".

وروى سائق سيارة الأجرة كريس "أنه شاهد رجالا يشهرون سكاكين طويلة يخرجون من الشاحنة". وقال: "خرج ثلاثة رجال يحملون 3 سكاكين طويلة، طولها ربما 30 سنتمترا. راحوا يطعنون كل من يصادفونه في طريقهم".

وروى إريك أنه رأى الرجال الثلاثة يخرجون من الشاحنة، لكنه ظن أنهم يريدون إسعاف من أصيبوا لكنهم "قاموا بركلهم ولكمهم ثم أخرجوا السكاكين. كانت حالة جنون".

وتوجه المهاجمون بعدها إلى حي بورو ماركت وهم يصرخون "هذا باسم الله". كما ذكرت الشرطة أنها تعاملت حادث ثالث في حي فوكسهول بالمدينة.

وقال أليكس شيلوم، الذي كان في حانة مادلارك قرب لندن بريدج، انه رأى شابة تترنح، "كانت تنزف من رقبتها ومن فمها". وأضاف "بدا لي ولأصحابي أنها ذبحت".

أحزمة ناسفة

وبث المهاجمون الذين كانوا يرتدون سترات ناسفة وهمية الذعر، وانقضوا طعنا على أول شرطي صادفوه في المكان. وخلال ثماني دقائق من أول اتصال بخدمة الطوارئ، قتلت الشرطة المهاجمين الثلاثة.

وبعد وصولها إلى المكان، طلبت الشرطة من الناس البقاء داخل المطاعم والحانات، حفاظاً على سلامتهم، والاحتماء تحت الطاولات. ثم طلب منهم وضع أيديهم فوق رؤوسهم.

ثم طلب الشرطيون من الناس الجري والابتعاد عن المكان فهرعوا مرعوبين وكان كثير منهم يبكون ويواسون بعضهم".

وسيرت الشرطة زوارق في نهر التايمز في حين حامت طائرات هليكوبتر فوق المنطقة.

وهبطت طائرة هليكوبتر تابعة لخدمة الطوارئ على جسر لندن بريدج الذي غطته حاجيات متروكة، فيما كان المسعفون ينقلون الناس على حمالات الى سيارات الإسعاف.

وقبل دقائق من العملية الإرهابية، كانت المطاعم والحانات في منطقة بارا ماركيت الشهيرة، تغص بالناس في ليلة صيفية معتدلة في وسط لندن، حيث اجتمعوا لمشاهدة المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا على شاشات كبيرة.

وأعلنت الشرطة أمس سقوط 7 قتلى في الاعتداء، إضافة الى ثلاثة من منفذي الهجوم و48 جريحاً بينهم شرطي في حالة حرجة.

وقالت محافظ شرطة لندن كريسيدا ديك، إن أجهزة الأمن تعتقد أن كل المهاجمين جرى تحييدهم، داعية البريطانيين إلى "عدم الاستسلام للخوف مع التزام الحيطة والحذر"، ومشيرة الى أن "بعض محطات المترو والقطارات القريبة من اماكن وقوع الهجمات لاتزال مغلقة الى إشعار آخر".

عمليات أمنية

وبعد الحادث، شهدت لندن عملية أمنية واسعة، حيث انتشر رجال الأمن وافراد الشرطة المسلحة في معظم الشوارع الكبرى وقريبا من المباني الاستراتيجية، فيما شوهدت دوريات مكثفة للشرطة.

وأغلقت 3 مستشفيات رئيسية في لندن أبوابها. ونفذت الشرطة عملية أمنية في منطقة باركينغ بشرق لندن أمس، حيث داهمت أحد منازل المهاجمين، واعتقلت ١٢ شخاصاً بينهم نساء في عملية امنية تخللها اطلاق نار.

من جهتها، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي ترأست لجنة الطوارئ الأمنية المعروفة باسم كوبرا، إن "الحكومة ستعمل على اجراء مراجعة شاملة فيما يتعلق بمواجهة التطرف ومكافحة الإرهاب على كل المستويات".

وطالبت ماي بتشديد الرقابة الإلكترونية على شبكة الإنترنت وخدمات الرسائل في أعقاب الهجوم.

وأكدت أن "حادثي مانشستر ولندن غير مرتبطين من حيث التنظيم والشبكة التي خططت لهما، لكنهما مرتبطان بنفس الأفكار المتطرفة التي تغذي العنف والقتل، وتدعو الى تدمير طريقة حياة المجتمع البريطاني ومبادئ الديمقراطية والحرية".

إدانات

وفور توارد الأنباء عن الهجوم، توالت الاستنكارات والمواقف المنددة بالإرهاب حول العالم.

ومن اميركا وكندا، الى الدول الأوروبية، مرورا بالصين والهند، ووصولاً الى الدول الخليجية والعربية، خرجت مواقف رسمية تدين الهجوم، وتدعو الى الوحدة في محاربة الإرهاب.

في الإطار نفسه دانت الأمم المتحدة والأزهر الشريف والفاتيكان والجامعة العربية الهجوم.

لا تأجيل للانتخابات

أثارت العملية الإرهابية في لندن قبل أيام من الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة الخميس المقبل جدلا حول تأجيل الاقتراع بسبب الأوضاع الأمنية.

وأكدت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، أن الانتخابات التشريعية ستجري كما هو مقرر الخميس 8 يونيو، بعد اعتداء لندن الذي أوقع 7 قتلى، وأن الحملة الانتخابية ستستأنف اليوم كالمعتاد.

وأكد عمدة العاصمة البريطانية صادق خان أن الانتخابات العامة ستجرى في موعدها، مشدداً على أن قوات الأمن قادرة على التصدي للعمليات الإرهابية.

وفي كلمة أمس، قال خان إن "الشرطة البريطانية ستبذل قصارى جهدها لتأمين الانتخابات، نحن حريصون على الديمقراطية، ولكن الإرهابيين يكرهون الانتخابات وحق المواطنين في اختيار قادتهم".

وأعلن حزب المحافظين (يمين) وحزب العمال (يسار) تعليق حملتيهما للانتخابات يوما واحدا على أن يجريا مراجعة للقرار حسب المقتضيات.