نلحظ في معرضك «منظر طبيعي» تكراراً لبعض العناصر في لوحتك. ألا تخشين من شعور المتلقي بالملل إزاء هذا التكرار؟تكرار العنصر في لوحاتي لا يعني ملء فراغ على السطح. في لحظة ما أثناء انشغالي بالعمل أعبر إلى عمق المشهد وأطلق العنان لفرشاتي فتعدو مسرعة فوق السطح لتسجِّل بحركة إيقاعية متكررة مركزية المشهد، حاملة معها ذكرياتي المختزنة عن هذا العنصر، فتارة هو مضيء تحت أشعة الشمس وطوراً غني بلون دافئ، أو يتغير شكله في ضوء القمر. هذا العنصر لمحته هنا وكنت سعيدة، وهناك كنت متسائلة... وهكذا. العنصر أسجله في حالاته وحالاتي معاً. إنه أنا وأنا هو، لا مكان للملل في تكرار إيقاعه وهو يتهاوى ويعلو في آن.
لماذا يتجلَّى اهتمامك بالمنظر الطبيعي في كثير من معارضك؟المنظر الطبيعي هو العناصر الشديدة التنوع بين السماء والأرض. معنى سهل وبسيط، أليس كذلك؟ ولكن هل أراه أنا كما تراه أنت، وكما يراه غيرنا؟ بالطبع لا، فهو انعكاس لمكنون الروح الداخلية، الجمال في عين ناظره.تتبعين الاتجاه التعبيري في ممارستك الفنية. ما الذي يغريك في هذا الأسلوب الفني دون سواه؟«التعبيرية» في نظري إحدى أصدق المدارس الفنية، فهي مرحلة مهمة جداً في تاريخ الفن التشكيلي إذ انتقل الفنان من خلالها من الفنون الكلاسيكية إلى الحداثة. إنها مزيج بين واقعية المشهد وبين رؤية الفنان الخاصة. هي عالمنا نحن الذي نتمناه.
ألوان الأكريليك
تمتلكين خصوصية في التعامل مع اللون والسيطرة عليه. كيف وصلت إلى هذه الآلية؟تخرجت في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم تصوير زيتي، وكما يبدو واضحاً المسمى مرتبط بطبيعة اللون. تعاملنا في فترة دراستنا (خمس سنوات) مع أنواع الألوان كافة، وأقلام الألوان الزيتية والفحم والرصاص، ما أكسبني تجربة حقيقية ووعياً بطبيعة الخامات المختلفة. بعد تخرجي وبدء انخراطي في الحركة التشكيلية، اخترت ألوان الإكريليك لما لها من خصائص تمكنني من تطويعها مع سرعة أدائي، وبمرور الوقت وكثرة التجارب تعاهدنا على ألا نخذل بعضنا بعضاً.لماذا يميل كثير من لوحاتك إلى الحجم الكبير؟ضمّ المعرض 25 لوحة متباينة الأحجام نفذتها بألوان الإكريليك. أشعر براحة تامة أثناء العمل على أحجام كبيرة، إذ أستطيع التعبير بها عن نفسي بشكل أفضل، لا سيما أن رؤيتي تختلف والمشهد يكبر ويصبح واضحاً وتصير العناصر أكثر ثقلاً وعمقاً.للزمن حضور كبير في تجربتك الفنية. كيف تطوعين هذا العنصر تشكيلياً؟عنصر الزمن مهم جداً في لوحتي، من خلاله أسجل الشمس والقمر وعتمة الليل، وضوء النهار، إذ أرى العنصر نفسه في اختلاف الزمن والذي يؤدي دوراً كبيراً في لوحتي، ويأتي ذلك كله تحت منطق «اللاند سكيب» بمعنى المنظر الطبيعي.فلسطين وطقوس خاصة
هل استطاع الفن التشكيلي أن يعبِّر عن القضية الفلسطينية بصورة حقيقية أم أنها ما زالت بحاجة إلى من يقدمها بصورة أوضح؟الفنون كلها هي روح الشعوب الحية وذاكرتها، والقضية الفلسطينية قضية شعب عاش ويعيش محتلاً يتجرع الظلم، أو منفياً في الشتات. ونحن نحب الحياة ما استطعنا لها سبيلا. نحن القضية بأطيافنا، سواء فنانين أو أطباء أو أساتذة في الجامعة أو مزارعين إلخ... فلسطين هي القضية.ما هي اللوحة التي تتمنين رسمها؟كل لوحة رسمتها كنت أتمناها، وكل ما سيأتي في المستقبل من أعمال تنجح في تسجيل مبتغاي هي ما أتمناه، وتبقى فلسطين أجمل اللوحات.طقوس
هل لديك طقوس خاصة تواظبين عليها خلال ممارسة العمل الفني؟أعمل في أي وقت وفي أي مكان من دون التقيّد بعادة أو اتباع طريقة ما. أتحرّر من تقاليد الغرف المغلقة كافة كالأستوديو المتخصص، ولا يعنيني إن كنت أقف أو أجلس، كذلك لا أهتم لروح المكان من حولي ولا لوضعية اللوحة سواء على حامل أو على الأرض. أصبو إلى لحظة التمتع بالتجوال فوق هضاب لوحتي وتسجيل كل ما أراه بسرعة فائقة قبل زوال هذا الحلم الواعي.أثناء تخطيطك لرسم معين، هل يمكنك تغيير الفكرة، وهل تستطيعين تحديد نقطة النهاية عند بدء العمل؟رغم خصوصية الواقع لديَّ وتصوير المشهد من منظوري الخاص، فإنني أعمل على إيصال المفاهيم الجمالية على أكمل وجه، آخذةً في الاعتبار قواعد بناء اللوحة كما درستها سابقاً. والأغرب أنني أعاود البناء والهدم مئات المرات معتمدة على اللون كلاعب أساسي يضيف ويمحو فتتغير اللوحة في كل مرة أنظر إليها، إلى أن ألتقط طرف الخيط وأنطلق لأتوقف حين يطلّ عالمي كما أشعر به على المشاهد. لكن تظلّ الفكرة ببساطة هي المنظر الطبيعي.سطور
ترى الفنانة أميرة مناح أن الفنانات التشكيليات أسهمن في المشهد التشكيلي العربي وأقمن معارض تُحتسب إضافات إليه. مناح فنانة فلسطينية، مواليد السعودية عام 1968، حصلت على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة قسم تصوير جامعة حلوان 1990، تقيم وتعمل في القاهرة، وهي عضو نقابة الفنانين التشكيليين. أشرفت على قاعة السينما والندوات في متحف محمود خليل سابقاً، وقدَّمت عدداً من المعارض الخاصة.أقامت معرضين في «مركز الجزيرة للفنون» في الزمالك، ومعرضاً في مركز «سعد زغلول الثقافي» في متحف بيت الأمة، ومعرضاً في غاليري العاصمة، كذلك شاركت في معارض وفعاليات جماعية محلية ودولية عدة مثل صالون الشباب، و«اتجاهات» بين مصر وإيطاليا، و«إبداعات المرأة المعاصرة في الفنون البصرية»، والمعرض القومي للفنون التشكيلية، و«القدس عاصمة للثقافة العربية»، و«فلسطين تحيا بريشة أبنائها» في الرباط وكازابلانكا والمغرب.