نقول كانت هذه «القشة التي قصمت ظهر البعير» تعبيراً عن السبب المباشر لتحقيق نتيجة ما، وأستطيع أن أقول إن «الاتحاد الثلاثي» كان السبب المباشر الذي تفجرت على أثره الخلافات الكامنة بيننا وبين الرئيس أنور السادات، وكان «البعير» تحمّل الكثير من مكامن الخلاف طوال ما يربو عن سبعة أشهر، بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر.كانت «مبادرة 4 فبراير» التي أصرّ السادات على إعلانها من على منصة مجلس الأمة بداية اتجاهه في السير عكس الطريق الذي قال لنا وللشعب الذي انتخبه إنه جاء كي يمضي فيه، وكان بدأ بطريق التراجع عن كل ما تعهد به، لا سيما قرارات اللجنة المركزية، التي كانت تحث على «القيادة الجماعية»، وتؤكد المضي قدماً على طريق عبد الناصر.
بدأ التراجع عن تعهده بالحفاظ على دور المؤسسات الدستورية والسياسية، وعدم الانفراد بالرأي، والحفاظ على الخط الاشتراكي، وفوق هذا كله ومعه، كان يحيد عن السير في إجراءات التحضير والتجهيز والاستعداد لمعركة التحرير، إذ راح يهمل المؤسسات ويتجاهل وجودها، وفي تلك الفترة حدثت خلافات بينه وبين أعضاء اللجنة التنفيذية العليا، وازدادت هوة التباعد بينه وبين علي صبري، وتدخلتُ من ناحيتي لإصلاح الموقف بينهما.ولكن السادات كان يبطن غير ما يعلن... خطط للانفراد الكامل بالسلطة، وسعى إلى تكريس زعامة خاصة به، وكان يبحث عن مبررات لاتخاذ إجراء ضد من يخالفونه الرأي. استعد لمناورته الكبرى، وهي «الاتحاد الثلاثي»، وكان يهدف منها إلى تشكيل بريق زعامي لشخصه، فلم يكن هدف الوحدة غايته، بل كان يريدها ورقة في يده يلعب بها بالطريقة التي يريد، ولتحقيق الأهداف التي يخطط لها، ورقة تقوي مركزه في مواجهة الآخرين.حاول أنور السادات الالتفاف حول قرارٍ بالحرب لا بد من أنه سيجد نفسه أمام ضرورة اتخاذه إن عاجلاً أو أجلاً، خصوصاً بعدما تقرّر في مجلس الدفاع في أواخر أبريل 1971 «كسر وقف إطلاق النار»، كانت «مناورته» تلك تلعب على وتر أعز أماني الأمة وهي تحقيق «الوحدة العربية»، وكي نعرف كيف كان يتلاعب بورقة الوحدة، علينا أن نعود قليلاً إلى تفاصيل الموقف بيننا وبين الدول العربية في 28 سبتمبر 1970.
جمع القوى
في أغسطس عام 1969 كنا وقعنا اتفاقاً سياسياً وعسكرياً على أساس اتفاقية الدفاع المشترك بيننا وبين سورية تعين بمقتضاه قيادة عسكرية مشتركة برئاسة الفريق أول محمد فوزي للتنسيق بين القوات المسلحة في البلدين، وتضع الخطط والإجراءات اللازمة للمعركة، فلم نكن بحاجة إلى إضافة جديدة بيننا وبين سورية في هذا الوقت، وكانت مصر وليبيا والسودان وقعت على «اتفاق طرابلس» في يونيو 1970، ولم تكن ثمة حاجة تدعونا الى اتفاقات جديدة يوفرها «اتفاق طرابلس».وبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر لم تنقطع هذه الاتصالات، بل تواصلت لكثرة الوفود من السودان وليبيا وسورية، سواء أثناء تشييع جنازة الزعيم الراحل، أو في مناسبة «الأربعين» وغيرها من مناسبات، وجرت اجتماعات في نوفمبر 1970 ضمت الرئيس السادات والعقيد معمر القذافي والرئيس جعفر نميري اتفقوا خلالها على ضرورة تدعيم «ميثاق طرابلس»، ثم انضم إليهم بعد ذلك الرئيس حافظ الأسد، وأصبح ميثاق طرابلس يتكون من أربع دول.في هذه الأثناء كان السادات يعمل على تحقيق إنجاز ينسب إليه، مختلف عما فعله الرئيس عبد الناصر، كانت عقدته « كاريزما وزعامة عبد الناصر»، وأذكر أنني فوجئت في محادثة هاتفية بقوله:حافظ الأسد موجود هنا، وأنا اتفقت معه على أن نعمل مشروع اتحاد بين مصر وسورية فقط، وعايز هذا المشروع يجهز الآن لنوقعه في الليل.في هذه الفترة كان الرئيس السادات يحادثني أنا في الأمور عادة، أو سامي شرف، ويتجاهل المؤسسات، ويهمل دراسة القرارات قبل اتخاذها، فقلت له:المفروض أن محمود رياض هو المنوط به تجهيز مثل هذه المشاريع، وسأتصل به، وأبلغه بذلك، وأعاود الاتصال بك.اتصلت برياض فعلاً وأبلغته نص حواري مع الرئيس، فما كان منه إلا أن قال لي بالنص: ده اتحاد كرة، وليس اتحاداً سياسياً!خطوة ارتجالية
اتفقنا على أن نقول لأنور السادات إن محمود رياض غير موجود، ولا يمكن العثور عليه في أي مكان من الأماكن التي يذهب إليها عادة، وبذلك أفشلنا الخطوة الارتجالية نحو اتحاد بين مصر وسورية، من دون دراسة ومن دون تعمق، وكانت وقائع الانفصال عام 1961 لا تزال ماثلة أمام أعيننا لم تغب بعيداً، وكان يتردّد أن مصر وسورية ستتخذان خطوات حدودية جديدة لا ترتبط بتاريخ ولا شكل الماضي، تنسب إلى السادات والأسد. بدأ السادات يفكر جدياً في إيجاد مشروع وحدوي يجمع بين الدول الأربع: مصر، وسورية، وليبيا، والسودان.في نهاية الأسبوع الأول من أبريل 1971، أعلن في القاهرة أن رؤساء دول «ميثاق طرابلس» سيجتمعون في العاصمة المصرية، وأن الاجتماع سيسفر عن نتائج مهمة. أقيمت الاجتماعات في فندق الشيراتون بين 11 و13 إبريل 1971، وكانت أعجب اجتماعات بين وفود أربع دول، حيث انفرد الرؤساء في اجتماع طويل، بقي خلاله أعضاء الوفود جالسين في مدخل فندق «شيراتون» طوال مساء اليوم الأول، وصباح اليوم الثاني، وكان المشهد مثيراً لـ«تنكيت وتبكيت» أعضاء الوفود المشتركة في المحادثات الرباعية.إنقاذاً للموقف اضطررت إلى الاتصال بالرئيس أنور السادات وقلت له: ثمة مشروع كان أعده فتحي الديب الذي كان أحد أبرز معاوني الرئيس عبد الناصر في قضايا الشؤون العربية، ويمكن أن يكون أساساً للمناقشة بين أعضاء الوفود، التي أصبح منظرها مثار نقد شديد من مختلف الحاضرين، وقال لي الرئيس: «طيب اتصل بفتحي واطلب منه يجهز الورق».فعلاً، وصلت ورقة فتحي الديب وتشكلت لجنة برئاسة د. لبيب شقير لدراستها وإضافة أو تعديل ما يمكن إضافته أو تعديله، واجتمعنا مع الرئيس السادات كوفد مصر لدراسة الورقة، وما إن التأم شمل الاجتماع المصري، وبدأنا في المناقشات حتى دخل أعضاء الوفود العربية الأخرى علينا، وبدأت المباحثات، ولم نكن درسنا الموقف المصري ولم نتفق عليه، حتى أننا لم نناقشه في ما بيننا كأعضاء للوفد الذي يمثل مصر.خلافات وإصرار
أثناء المباحثات تبين أن شقة الخلاف بين الليبيين والسودانيين واسعة، وكانت الثورة في السودان سبقت الثورة الليبية بأشهر، إذ قامت الأولى في مايو 1969، والثانية في سبتمبر من السنة نفسها. إلا أن السودانيين كانوا يعتبرون أنفسهم أكثر خبرة من الثورة الليبية في العمل الثوري، بالإضافة إلى أن الوفد السوداني أعلن في هذه الجلسة أن السودان لا يستطيع الدخول في عملية «اتحادية» في الوقت الذي ما زالت مشكلة الجنوب قائمة، وانتهى الاجتماع الموسع بين وفود الدول الأربع عند منتصف الليل على أن يجتمع الرؤساء مجدداً لمناقشة القرارات وكيفية التعامل معها، وبعدما انفض الاجتماع اتصل بي عبد السلام الزيات وقال:- السادات في حالة انهيار تام، لأنه لم يستطع التوصل إلى اتفاق بخصوص مشروع الاتحاد. وطلب مني الزيات أن أصعد إليه في غرفة نومه في الفندق حيث كان ينزل أثناء انعقاد المباحثات، ورجاني أن أفعل ما يمكنني لأرفع من معنوياته. فعلاً، صعدت إلى غرفته فوجدته نائماً على السرير ومنهاراً وفي حالة ضيق شديدة مما حدث، وبعد حديث قصير بيننا اتفقنا على أن نلتقي في الغد، ونناقش الموضوع، وتبين لي بوضوح أن الرئيس عازمٌ على التوقيع على مشروع الاتحاد الثلاثي بأي ثمن؟ والسؤال: لماذا؟أتصور أن الإجابة عن السؤال تكمن في أنه كان يريد أن يبدو أمام أميركا وإسرائيل، كأحد زعماء المنطقة البارزين، وأنه يستطيع أن يتحدث باسم «مجموعة» من الدول المهمة في المنطقة، وكان يريد أن يلفت نظرهما إلى ضرورة التعامل معه، ويريد أن يدفعهما إلى التعامل معه بطريقة ومستوى أفضل مما كان قائماً وقتها، وأعتقد كذلك أنه كان يريد ورقة، مجرد ورقة، أو مشروعاً يسمى «اتحاد الجمهوريات» لتحريك الأوضاع في المنطقة.وأستطيع أن أؤكد أن الهدف الرئيس من مناورة السادات «الوحدوية» الالتفاف حول «قرار الحرب»، وهو القرار الذي كان اتخذ بما يشبه الإجماع في اجتماع مجلس الدفاع الوطني. كان السادات يريد الإفلات من الموعد الذي كان يقترب شيئاً فشيئاً، كان يريد ببساطة شديدة تأجيل قرار الخوض في معركة.وأحسب أن النقطة الأخيرة في تفكير أنور السادات في تلك اللحظة، ووقفت وراء تلهفه وحرصه على إتمام «مشروع الاتحاد» أنه كان يحاول أن يتخلص من عقدة زعامة عبد الناصر، وكان لديه إحساس عميق بالنقص تجاه إنجازات الراحل الضخمة وحضوره المشهود له به، فلماذا لا يحقق أنور السادات اتحاداً بين هذه الدول يكون أقوى من «ميثاق طرابلس» وينسب إليه، ويدخل ضمن إنجازاته؟!زيارة بنغازي
انتهى يوم آخر من أيام المباحثات الرباعية، وكانت آمال السادات في تحقيق أهدافه أحبطت، وفي صباح اليوم التالي كنت في حفلة تخريج دفعة جديدة من معهد الدراسات الاشتراكية، وفوجئت بمن يتصل بي من الرئاسة ليبلغني بأن السادات والقذافي والأسد اتفقوا على السفر إلى بنغازي في ليبيا لاستكمال مناقشة الموضوع، تساءلت: أي موضوع؟ والموضوع كان فشل، فقالوا: لا، لأن السادات أبلغ القذافي أنه إذا لم تتم عملية الاتحاد الثلاثي بين مصر وسورية وليبيا فإنه سيعلن الوحدة مع سورية فقط. طبعاً، كلنا يعرف أن القذافي رجل وحدوي ومتحمس جداً لفكرة الوحدة، ثم يخرج وكأنه رافض للوحدة، لا شك في أن ذلك سيؤثر في مصداقيته، وربما في مستقبله السياسي.وكان أخطر حسين الشافعي وعلي صبري في التوقيت نفسه الذي أخطرت فيه بموعد السفر، وتوجهت من المعهد الاشتراكي إلى المطار لتوديع أنور السادات والوفود المسافرة، وعندما وصلت إلى استراحة رئيس الجمهورية في المطار وجدت العقيد معمر القذافي، ومعه الأخ عبد المنعم الهوني، والأخ عمر المحيشي، عضوا مجلس قيادة الثورة الليبية، وكان علي صبري موجوداً، وتحدث إلي العقيد القذافي ليس كرئيس دولة إلى وزير في دولة أخرى، وكان ذلك على مسمع ومرأى من علي صبري، والذي كان مفاجأة كبيرة لنا.بادرني القذافي متسائلاً لحظة دخولي إلى الاستراحة، وكان يجلس إلى جانبه علي صبري وقال:- هل ثمة ضغوط على أنور السادات في مصر؟فسألته بدوري: - ماذا تقصد بالضبط؟ وأية ضغوط تتحدث عنها؟قال: ضغوط جماهيرية؟ وسألته: لماذا هذا السؤال؟قال: لأن أنور السادات ضاغط علينا ضغطاً كبيراً، حتى نتمم مشروع الاتحاد، ولست أجد مبرراً لهذا إلا إذا كان ثمة ما يضغط عليه هنا في مصر.وقلت للقذافي: هذا غير صحيح... وسألته: هل أبديت رأيك هذا للرئيس السادات؟فقال: نعم أبديت رأيي، ولا أرى ضرورة لهذه العجلة، كذلك أحتاج إلى وقت كي أطرح المشروع على الضباط الأحرار في ليبيا، وبعد ذلك أمهد للعملية كلها.فقلت له: الأخ العقيد، الناس هنا الآن وهم جميعاً يعرفون أنكم في طريقكم إلى ليبيا لتوقيع الاتفاق، والرئيسان أنور السادات وحافظ الأسد في طريقهما إلى المطار، وحضر فعلاً الإعلاميون والصحافيون.فقال لي: أرجوك أن تعمل على تغيير هذا، وأتصور أن نعمل على أن يبدو الرئيس السادات والرئيس الأسد كأنهما هنا لتوديعي وليس للسفر معي.فقلت له: لا أستطيع أن أتخذ قراراً بهذا الحجم، ولا أستطيع أن أتحدث في مثل هذا الموضوع، ومن الصعب تنفيذه لأن المستويات الإعلامية علمت بالسفر، وتستعد للطيران معكم. ووعدته بأن أشرح الموقف كما سمعته منه لأنور السادات عندما يأتي إلى المطار.مواجهة السادات
جاء السادات وقلت له: القذافي لا يريد أن يسافر معه أحد، وهو لا يريد الاتحاد الآن، ويطلب مهلة لمناقشته مع زملائه الضباط الأحرار، ويريد أن تودعوه أنت والرئيس الأسد بدلاً من السفر معه. فقال لي: «الأفضل أن تترك الموضوع لي، وسأتصرف وأحله معه في طرابلس».وسافرت الوفود الثلاثة، وسافر الرؤساء الثلاثة معاً على طائرة واحدة، وكانت أهدافهم مختلفة. لم تكن «الوحدة» هي الهدف الحقيقي لهؤلاء المسافرين إلى بنغازي، فهناك تعددت الاجتماعات طوال اليوم الأول، ولكن الخلافات بين السوريين والليبيين كانت كبيرة جداً، ولم يكن القادة الليبيون يشعرون بالثقة تجاه حكم «حزب البعث»، وطلب الجانب الليبي الانفراد بالوفد المصري، وطرح الليبيون في اجتماعهم تساؤلات حول جدوى هذا التسرع في التوقيع على مشروع الاتحاد الثلاثي.في اليوم الثاني، وفي اللحظات الأخيرة قبل إعلان فشل المباحثات، أو سفر الوفود المشاركة فيها أعاد الرئيس السادات تهديده أنه سيعود ومعه الأسد إلى القاهرة لإعلان تشكيل وحدة ثنائية بين البلدين، واضطر القذافي إلى الموافقة، وتم توقيع الاتفاق في بنغازي، وعاد السادات إلى مصر وفي جيبه مشروع موقع عليه من الأسد والقذافي.وأخيراً، انعقد اجتماع القناطر الخيرية الشهير في 21 أبريل 1971، وبدأه الرئيس السادات بأن قدم المشروع إلى الحاضرين من أعضاء اللجنة التنفيذية العليا بكلمة موجزة، وطلب أن يبدي الحاضرون آراءهم في المشروع، وكان علي صبري أول المتحدثين، وتناول في كلمته نقداً شاملاً للموضوع برمته، وأفاض في شرح ما سماه «الأسلوب الرخيص» الذي اتبع في بنغازي للحصول على التوقيع.تصويت... لا مناقشة
انتهى حديث صبري، وكانت الأجواء داخل الاجتماع توترت وارتفعت درجة حرارته جداً، وتحدث بعده حسين الشافعي وأيد المشروع... وحين جاء دوري في الكلام تحدثت عن أكثر من ملاحظة على نصوص المشروع رأيت أنها تستدعي ضرورة إجراء تعديلات عليه.قاطعني السادات: لا، أنا مش عاوز تعديلات على المشروع، أنا عاوز أسأل كل واحد فيكم سؤال: هل هو موافق على المشروع بهذه الصورة أم غير موافق؟فتدخلت في الحوار مقاطعاً الرئيس السادات، وقلت له: نحن تعودنا منذ انتخاب اللجنة التنفيذية العليا على أن نجلس، ونناقش، ونتجادل مع بعض، ونعدل المشروع الموجود، ونضيف إليه، ونحسنه، ونصل معاً عبر الحوار إلى قرار جماعي، ولست أرى أي داعي لأن يصل الأمر إلى التصويت بنعم أو لا.رد عليّ السادات قائلاً: لكني مصمم على أن أسمع إجابة كل واحد من الحاضرين عن سؤالي، وسأجرى التصويت على ذلك.قلت: اجتماعات اللجنة العليا لم تشهد من أيام الرئيس عبد الناصر مثل هذا الموقف، ولم نتعود على أن نصوت بالرفض، أو القبول، لأنها لجنة سياسية، هدفها التوصل بالنقاش السياسي إلى القرار الأصح.ورفض السادات للمرة الثانية هذا المنطق، وبدأ فوراً توجيه السؤال بهذه الصيغة إلى علي صبري: موافق ولا مش موافق؟ فقال صبري: أنا غير موافق، في حين وافق حسين الشافعي ومحمود فوزي، فيما رفض كل من عبد المحسن أبو النور ولبيب شقير وضياء الدين داود القرار.ووصل السادات إليَ وسألني: رأيك إيه؟قلت له: أنا لست عضواً في اللجنة التنفيذية العليا... أحضر اجتماعات اللجنة العليا كتقليد وضعه «الريس» عبد الناصر لأسباب معينة، وفي أوقات معينة، لذلك ليس لي الحق في التصويت.ولكن الرئيس السادات قال: لا... أنا مصمم على أن أسمع رأيك.فقلت له: نرفع الجلسة، ونعطي أنفسنا فرصة لنتفاهم، ثم نعيد عقد الاجتماع مرة أخرى للمناقشة مجدداً.وانضم إليَّ في هذا المقترح أبو النور وشقير وطلبا تأجيل الجلسة، لكن السادات رفض هذه المحاولة رفضاً باتاً، وقال: أنا مصمم.فقلت له: أنا غير موافق على المشروع.وانتهت الجلسة على أسوأ صورة: خلاف حاد بين رئيس الجمهورية وبين القيادة السياسية، وإصرار غير مبرر من السادات على مواصلة طريق التصادم، ولم يكن أحد يتصور أن يصل الوضع إلى أسوأ مما كانت عليه الحال في تلك الليلة من ليالي أبريل 1971.