أم عبدالله القرشية التيمية، المكية، ثم المدنية، المهاجرة، أبوها أبوبكر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأول خليفة للمسلمين، وأختها لأبيها زوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحبيبته: عائشة أم المؤمنين، وهي شقيقة عبدالله بن أبي بكر، وزوجة الزبير بن العوام، وأم الخليفة عبدالله بن الزبير أمير المؤمنين.هي أسماء بنت أبي بكر، كان إسلامها قديماً بمكة، تزوجت من الزبير بن العوام، وكان لها في هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) مواقف مشهودة، وكانت هي التي صنعت سفرة (وهي طعام المسافر) النبي (صلى الله عليه وسلم) حين أراد الهجرة، تقول: صنعت سفرة النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئاً أربطه به إلا نطاقي، قال: فشقيه باثنين فاربطي بواحد السقاء وبالآخر السفرة، ففعلت، فلذلك سميت ذات النطاقين، وقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة.
عاشت أسماء بنت أبي بكر إلى أن ولي ابنها عبدالله بن الزبير الخلافة، وحاصره الحجاج الثقفي في مكة، فجعل يقاتل جيش الحجاج بشجاعة، ولما ناداه الحجاج ليقبل الأمان ويدخل في طاعة أمير المؤمنين، دخل على أمه أسماء، فقال لها: إن هذا قد أمَّنني، قالت: يا بني، لا ترضَ الدنية، فإن الموت لابد منه، قال: إني أخاف أن يمثَّل بي، قالت: يا بني ما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها، فخرج فقاتل قتالاً باسلاً حتى استُشهد، وأقبل عليه الحجاج فحز رأسه، ثم بعث بها إلى عبدالملك بن مروان، وصلبه منكساً. ولما واجهت الحجاج، قال لها: كيف رأيتني صنعت بعبدالله؟، قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وقد بلغني أنك كنت تعيره بابن ذات النطاقين، وقد والله كنت ذات نطاقين، أما أحدهما، فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، وأما الآخر، فإني كنت أرفع فيه طعام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وطعام أبي، فأي ذلك - ويل أمك - عيرته به؟روى لها البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة، ولها في الصحيحين اثنان وعشرون حديثاً، وفي سندها ثمانية وخمسون حديثاً، وعدها ابن حزم في كتابه: (أسماء الصحابة وما لكل واحد منهم من العدد) الرقم 58 في ترتيب الصحابة من حيث الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وروى عنها: عبدالله بن عباس (في مسلم)، وابناها عبدالله وعروة (في البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي)، وأحفادها عباد بن عبدالله (في البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة)، وعبدالله بن عروة، وغيرهم.وظلت تتمنى ألا تموت حتى يدفع إليها ابنها لتغسله وتدفنه، حتى جاء كتاب عبدالملك بن مروان أن يدفع بعبدالله إلى أهله، فأتي به أسماء فغسلته وطيبته ثم حنطته، وصلّت عليه ثم دفنته، ثم ماتت بعده بأيام في آخر جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وكانت قد فقدت بصرها، واختلف في مكثها بعد ابنها عبدالله، فقيل: عاشت بعده عشرة أيام، وقيل: عشرين، وقيل: بضعة وعشرين يوماً، وقد بلغت مئة سنة، ولم يسقط لها سن، ولم ينكر لها عقل، وكانت آخر من مات من المهاجرين والمهاجرات.
توابل - دين ودنيا
أسماء بنت أبي بكر... ذات النطاقين
05-06-2017