انتخبت الكويت كعضو غير دائم في مجلس الأمن قبل3 أيام، لمدة سنتين، هما 2018 2019. وهي ثاني مرة لها، حيث كانت المرة الأولى قبل 40 سنة. علاقة الكويت بمجلس الأمن قديمة ومعقدة. فبعد استقلال الكويت في 19 يونيو 1961 تقدمت لعضوية الأمم المتحدة، التي تبدأ بمجلس الأمن، لكن تم رفض عضويتها مرتين، بسبب استخدام الاتحاد السوفياتي حينذاك "الفيتو"، بضغط من عبدالكريم قاسم الذي أعلن رفضه استقلال الكويت على أساس أنها تابعة لولاية البصرة. وبمناسبة رمضان فإن البعض يخلط أحياناً بين "الفيتو" و"الفيمتو"، إلا أنه لا علاقة بينهما فهو تشابه بالحروف لا أكثر. وفي 1963 حدث انقلاب في العراق، وأعدم قاسم، فجرى تطبيع العلاقات بين الكويت والعراق، فتقدمت الكويت بطلب عضوية للأمم المتحدة مرة ثالثة وتم قبولها. وقد ألقى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في مايو 1963 شخصياً خطاب القبول حين كان وزيراً للخارجية. تلك كانت محطة قاسية بالنسبة للكويت حيث ظلت سنتين منذ استقلالها خارج المنظومة الدولية بفعل فاعل. وعلى أثر ذلك صارت الكويت عنصراً فاعلاً داعماً للأمم المتحدة دون تردد، وصارت حريصة على الانضمام إلى حركة عدم الانحياز، والحياد الإيجابي، وتوثيق علاقاتها بكل الدول دون استثناء، بما في ذلك مع المنظومة الاشتراكية على عكس بعض الدول العربية، ومنها معظم دول الخليج التي كانت تمنع مواطنيها حتى من زيارة تلك الدول، في المقابل، كانت الكويت توافق وتشجع طلبتها على الدراسة في الاتحاد السوفياتي.

تلك كانت المحطة الكبرى الأولى مع مجلس الأمن، رفض جارح وقبول بارد. أما المحطة الكبرى الثانية فقد كانت إبان الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990 ، حيث تبدلت الأحوال فكان تفاعل مجلس الأمن مع القضية الكويتية إيجابياً بامتياز. وصدرت من خلال المجلس جملة قرارات تطالب العراق بالانسحاب من الأراضي الكويتية المحتلة، لم تصدر في أي حالة مماثلة. فكان أن جرت عملية تحرير الكويت المعروفة باسم عاصفة الصحراء تحت غطاء دولي، على عكس عملية الغزو الأميركي للعراق التي جرت في 2003 ، والتي افتقدت ذلك الغطاء، وكانت تلك إحدى إشكالياته. تحرير الكويت عبر غطاء أممي، كان فعلاً نادر الحدوث في المنظومة الدولية، ذلك الفعل الذي التقى فيه الحق مع القوة، فقد كان احتلال الكويت باطلاً، وتحريرها حقاً، وتم استخدام القوة بموجب الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة. لماذا نقول إنه فعل نادر، لأن هناك حقوقاً كثيرة على المستوى الدولي، لم تتمكن أو لم ترغب القوى الدولية في استخدام القوة للانتصار لها، وأبرز مثال على ذلك هو قضية فلسطين.

Ad

تحرير الكويت تم ليس لأننا "خوش أوادم" أو أننا "ناس خيرين"، ولكنه جاء ضمن موازين القوى الموصوفة بفترة تاريخية معينة، فمجلس الأمن ليس جمعية خيرية. وقد ترتب على ذلك أن تكون الكويت أكبر مستفيد من تفاعلات القوة الدولية في إطار الأمم المتحدة، وتحديداً مجلس الأمن. فلا أعلم عن دولة عضو بالأمم المتحدة يتم احتلالها من دولة عضو أخرى، وتتمكن الأمم المتحدة من تحريرها، وإعادة ذات النظام إلى مكانه غير الكويت. كان ذلك مدخلاً ضرورياً لفهم تعقيد العلاقة الكويتية مع مجلس الأمن لفهم انتخاب الكويت الأخير لمجلس الأمن، وهو انتخاب مستحق، ومعروفة نتائجه منذ مدة، صوتت فيه كل الدول العربية لمصلحة الكويت، بل بذل بعضها جهوداً مضنية لحشد الدعم لانتخاب الكويت، لكن هناك من يريد إظهار الحقيقة عكس ذلك، وغير مفهوم سبب ذلك، تفاصيل الانتخاب وقواعدها، وماذا جرى سنعالجها في المقال القادم.