بعدما وصل العنف والإرهاب إلى كل هذه الحدود التي وصل إليها في الغرب والشرق، وفي كل مكان من الكرة الأرضية، وبات يخبط عشوائياً كما حدث في أحد شوارع لندن مساء أمس الأول، فإنه لا بد أن تُترجم الأقوال إلى أفعال، وأن تكون هناك غرفة عمليات دولية، تشترك فيها الدول الكبرى كلها، وأيضاً الدول الإسلامية والعربية بأسرها، تدير هذا الصراع الذي غدا مستشرياً، وتلاحق القتلة والمجرمين، سواء كانوا أفراداً (الذئاب المنفردة)، أو تنظيمات معروفة مثل "داعش" و"القاعدة" وتجلياتهما، أو غير معروفة.قبل أيام أعلن "داعش"، الذي أصبح عنواناً لكل الجرائم الإرهابية التي ترتكب في كل مكان، والذي بات يسارع إلى تبني أي عملية إجرامية يسمع عنها أو يراها في وسائل الإعلام، ليثبت أنه لا يزال موجوداً بعد محاصرته في الموصل والرقة، وبعد الضربات الأخيرة التي تلقاها، سواء في العراق أو في سورية، أو في ليبيا والعديد من الدول الغربية التي اكتوت بنيران هذا التنظيم الذي يكتنف مرجعيته الغموض، والذي يدور حول ظهوره، والذين يقفون خلف هذا الظهور ألف سؤال وسؤال!
إنه لا بد من العودة إلى البدايات، فهذا التنظيم كانت بدايته بإخراج النظام السوري للإرهابيين من سجونه، واستخدامهم ضد العراق في تفجيرات وزارتي الخارجية والصحة المعروفة، ثم استخدامه من قبل هذا النظام والروس والإيرانيين في معادلة: إما "داعش"، وإما بشار الأسد، وهنا فإن ما يحير بالفعل هو أن العديد من الدول الغربية الرئيسية التي ذاقت طعم الإرهاب بكل مرارته ودمويته قد دفعها الرعب والخوف إلى تبني هذه المعادلة السقيمة الواضحة الأهداف والمعروفة النوايا!والمفترض ألا "تلفلف" جريمة تسليم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي مدينة الموصل، ذات الموقع الاستراتيجي، إلى "داعش" الذي "احتلها" بنحو أربعمئة من إرهابييه فقط، بينما كان يرابط في هذه المدينة أكثر من ستين ألفاً من ضباط وجنود الجيش العراقي الذين صدرت إليهم الأوامر بالانسحاب الكيفي بدون إطلاق ولو طلقة واحدة... ألا يستدعي هذا تحقيقاً دولياً ووضع المسؤول عن هذه المؤامرة الواضحة كل الوضوح في قفص الاتهام خارج الأراضي العراقية؟هناك مثل يقول: "إنه من الخطل والخبل البحث عن أثر الذئب بينما يقف الذئب أمامك مكشراً عن أنيابه"، ويقينا لو أن ملفات "داعش" تُفتح بطريقة صحيحة بحيث يجري تحقيق دولي في خفايا تسليم المالكي للموصل إلى هذا التنظيم، وفي دوافع إصرار الروس والإيرانيين، حتى الآن، على معادلة: "إما داعش وإما بشار الأسد" لما كانت هناك ضرورة لكل هذا التحشيد الذي التحق به حتى الأميركيون في عهد ترامب، ولما كانت هناك ضرورة للاستنجاد بأكراد "سورية الديمقراطية"! وهكذا فإن الأمور باتت واضحة، وإن الوقفة الجادة تجاه كل هذا الذي يجري في العديد من الدول الغربية و"عندنا"، في هذه المنطقة الملتهبة، وفي كل مكان، تستدعي معرفة استقصائية صحيحة للذين يرتكبون كل هذه الجرائم التي أصبحت ترتكب في العالم كله، والذين يمولونهم... نعم الذين يمولونهم!
أخر كلام
سؤال ضروري: من هو «داعش»؟
05-06-2017