بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير بالانسحاب من اتفاقية باريس حول تغير المناخ، والذي أفضى، ضمن أشياء اخرى، الى انتقادات واسعة من شركات أميركية، بدت الصين مرشحة لتصدر جهود تغير المناخ رغم الصعوبات التي تواجه ذلك الهدف.

وذكر تقرير نشرته أخيرا صحيفة نيويورك تايمز ان وزير الخارجية الأميركي السابق حاول في الماضي إبرام اتفاق حول تغير المناخ، ودعا لهذه الغاية المبعوث الصيني يانغ جيشي الى بوسطن مسقط رأس كيري. يومها لاحظ الوزير الأميركي أن ميناء المدينة تعرض لنسبة عالية من التلوث، لكن جهود الحكومة كانت كفيلة بتغيير الوضع.

Ad

وأقنع ذلك الاجتماع الصين بالتقدم نحو محادثات مستفيضة حول المناخ أفضت الى إعلان تاريخي بين الرئيسين الأميركي باراك اوباما والصيني زي جينبنغ في نوفمبر 2014 حدد أهدافا لخفض الانبعاثات في الدولتين وعزز المفاوضات العالمية المتعلقة باتفاقية باريس حول المناخ.

وأضاف تقرير الصحيفة أن المحادثات الصعبة التي جرت في عهد إدارة أوباما بين مسؤولين من البلدين لعبت دورا مهما في دفع الصين، وهي أكبر مصدر لانبعاثات غازات بيوت الدفيئة في العالم، الى الاعلان عن التزامها بالضغط من أجل الحد من تأثير تغير المناخ على صعيد عالمي.

التنافس على الطاقة المتجددة

ومع تخلي الولايات المتحدة الآن عن الريادة العالمية في تغير المناخ، وتوقفها ولو بشكل مؤقت عن الشراكة مع بكين، قد تجد الصين صعوبة في جهودها لملء الفراغ، وكانت أكبر خطوات بكين في السنوات الأخيرة حدثت من خلال جهودها المشتركة مع الولايات المتحدة والتنافس الحاد بينهما في ميدان الطاقة المتجددة.

وأشار تقرير «نيويورك تايمز» الى أن على الصين تحمل العواقب على صعيد عالمي فيما تحاول إيجاد حلول لانقساماتها الداخلية الحادة المتعلقة بمستقبل الطاقة في البلاد، مضيفا: «معروف أن قادة بكين يصرون على أن الدول الاخرى يجب أن تلتزم باتفاقية باريس حول المناخ رغم قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة، وهي تاريخيا أكبر دولة مصدرة لانبعاثات غازات بيوت الدفيئة في العالم».

لكن أهمية واشنطن في إرساء الأساس لاتفاقية باريس حول تغير المناخ كانت جلية في المفاوضات التي جرت بين الولايات المتحدة والهند التي تعتبر ثالث أكبر دولة مصدرة للانبعاثات الغازية في العالم. وبعد سلسلة من الاجتماعات بين اوباما ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أعلنت نيو دلهي التزامات طموحة بقدر أكبر ازاء تغير المناخ.

تأثيرات دراماتيكية

وقال جوناثان فينر، وهو رئيس الموظفين ومدير تخطيط السياسة السابق في وزارة الخارجية الأميركية، إن «التوصل الى اتفاقية في باريس اعتمد على الولايات المتحدة والصين ومجموعة صغيرة من الدول الرئيسية كانت تسعى الى تحقيق أهداف طموحة».

وأضاف فينر: «كان يتعين أن تنجم هذه الديناميكية ذاتها في الجهود الرامية الى توافق في عملية تغير المناخ التي يعرف الكل أهميتها، كما أن انسحاب الولايات المتحدة سيفضي الى تأثيرات دراماتيكية».

وخلص تقرير الصحيفة الى القول إن تشديد قادة الصين الآن على التقيد باتفاقية باريس بعث برسالة قوية الى الدول التي ربما كانت تفكر في التخلي عنها في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة، على سبيل المثال صرح رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ الخميس الماضي، خلال زيارته لبرلين للاجتماع مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، «نحن سنعمل خطوة فخطوة مع دول اخرى من أجل تحقيق الأهداف المرسومة».

تجدر الاشارة الى أن لدى الصين أسبابها الوجيهة على الصعيد الداخلي من أجل تغيير بنية الطاقة وزيادة مصادر الطاقة غير التقليدية، كما أن رئيس الوزراء شدد على أن بكين «تشن حرباً على التلوث».