• ما مدى تأثير القرآن الكريم في بناء الشخصية الإسلامية؟- بما أننا في شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن الكريم، فسنجد أن الذكر الحكيم اهتم اهتماماً كبيراً ببناء شخصية المسلم، هذه الشخصية التي تتصدى للانحراف السلوكي والأخلاقي، ولكل خروج على منهج الإسلام، وبالتالي فالشخصية المسلمة هي شخصية تبني وتعمر، وتتسم بسمات بالغة الأهمية، منها التعقل والنضج والرشد، ثم التسامح واللطف والود والرحمة وعدم الاعتداء على الآخرين، فهذه سمات أساسية في بناء الشخصية المسلمة.
• ما أسباب تأثر الشخصية الإسلامية بالفكر الغربي؟- هذا الأمر يرجع إلى عدم الالتزام بالفكر الرشيد الذي رسمه القرآن الكريم في بناء الشخصية الإسلامية، ما أدى إلى ظهور جوانب سلبية أو ضعف في بناء هذه الشخصية، وهذا الضعف ظهرت آثاره بسبب تأثره بالفكر الغربي، وبالتالي وجدنا تيارات علمانية غربية لا تهتم اهتماماً كبيراً بالفكر أو المنهج الإسلامي، ما كان له بالغ الأثر في السلوك والأخلاقيات التي نراها حالياً، إضافة إلى التأخر في العلم والتصنيع وعدم القدرة على مواكبة مظاهر التقدم.• هل يستطيع العالم الإسلامي الصمود أمام تأثيرات العولمة؟- العولمة هي عملية انفتاح على الآخرين بدون حدود أو قيود، وبالنسبة للشخصية المسلمة فإن الانفتاح على الآخر وعدم الانغلاق شيء جيد، ولكن يجب أن يكون الانفتاح في حدود الحصانة الدينية التي يزود بها الإسلام الشخصية المسلمة، إذ يتحتم على المسلم في تعامله مع الناس أن ينطلق من مبادئ الإسلام وأخلاقياته ومعاييره التي تربي العقل وتثري الفكر وتُنضج المفاهيم وتجعلها متصلة بسمات أخلاقية مثل العطف والرحمة والبعد عن العنف والإرهاب الذي يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام، وهذا ما يقع فيه الآن كثير من المنتسبين إلى الإسلام عن جهل، فهم يصدرون إلى الآخرين مظاهر العنف والكراهية باعتبارها من سمات الإسلام أو سمات المسلم، والإعلام الغربي أسهم في ترسيخ هذه الصورة المشوهة عن الإسلام، ولكي نستطيع محو هذه الصورة المغلوطة عن الإسلام يجب أن نعود إلى المنهج القرآني السليم القائم على التسامح ونبذ العنف والكراهية.• كيف يمكن الحفاظ على هوية الشخصية الإسلامية في ظل ما تواجهه من تحديات؟- يجب علينا أن نعيد بناء الشخصية الإسلامية بناءً تربوياً يعتمد على المناهج الأساسية التي رسمها القرآن الكريم في ما يتعلق بالإيمان الصحيح والعمل الصالح، ولذلك تجد دائماً في القرآن الكريم الاقتران بين الإيمان والعمل الصالح، ولو أخذنا هذين العنصرين ونظرنا إليهما في كتاب الله سنجد أن أي انحراف ظهر كان نتيجة عدم الالتئام بين هذين العنصرين، فالإيمان في وادٍ والعمل في وادٍ آخر، والقرآن فيه لوم كبير لأولئك الذين يقولون ما لا يفعلون، كما ورد في قوله تعالى في سورة "الصف": (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)[3،2]. وبالتالي هذا الانفصام بين العقيدة والسلوك أدى إلى ضعف الشخصية الإسلامية، وإذا أردنا تقويتها، فلابد من عودة الالتئام بين هذين الجانبين.ولذلك لا يكون العمل صالحاً إلا إذا كان صادراً عن إيمان حقيقي، ولا يكون الإيمان كاملاً إلا إذا كان متصلاً بالعمل الصالح، لذا نجد أن القرآن الكريم يركز على هذه النقطة بالتأكيد على أن كل ما يصدر عن الإنسان هو مسؤول عنه ومسجل عليه صوتاً وصورة، كما ورد في محكم التنزيل: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)[الكهف: 49]، وبالتالي فالشخصية الإسلامية لابد أن تكون مكتملة الجوانب من ناحية العقل والفكر والرؤية والإيمان والسلوك الصحيح.• هل غياب القدوة أحد أسباب الخلل في الشخصية الإسلامية؟- هذه النقطة في غاية الأهمية، فالمشكلة التي تواجهها الشخصية الإسلامية هي أن أناساً تصدوا للعمل الدعوي ويحملون أجندات معينة ويضللون الشباب، وثقافتهم الدينية ثقافة سطحية، فهم لا يمثلون صحيح الإسلام، ولا يعرفون من الدين سوى المظهر الخارجي مثل إطالة اللحى وتقصير الثياب، وهذه المظاهر ليست جوهر العقيدة الإسلامية، ولكن جوهرها يقوم على الالتزام السلوكي والأخلاقي.
توابل - دين ودنيا
أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة د. محمد عفيفي لـ الجريدة.: عدم الالتزام بمنهج القرآن أضعف الشخصية الإسلامية
06-06-2017