في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، قررت السعودية والبحرين والإمارات ومصر أمس، قطع علاقاتها مع قطر وإغلاق حدودها أمام الرحلات منها وإليها وموانئها البرية والبحرية والجوية لمنع المرور عبرها من قطر وإليها، حماية لأمنها من مخاطر الإرهاب والتطرف.

وأمهلت الدول الأربع الدبلوماسيين القطريين 48 ساعة لمغادرة الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة. أما المواطنون القطريون فقد أُمهلوا 14 يوماً للمغادرة. ومنع الدول الخليجية الثلاث رعاياها من التوجه إلى الدوحة.

Ad

وقررت هذه الدول إغلاق المجالات الجوية أمام رحلات الخطوط الجوية القطرية وكافة المنافذ البحرية والبرية والجوية أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر اعتباراً من اليوم.

وقبل أن تتوالى مواقف الرياض والقاهرة وأبوظبي، أعلنت المنامة في وقت مبكر من صباح أمس نبأ قطع العلاقات مع قطر استناداً إلى إصرارها على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين والتدخل في شؤونها والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي ضدها.

وجاء في بيان لوكالة أنباء البحرين (بنا) أن قطع العلاقات جاء بسبب دعم قطر للأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في المملكة، في انتهاك صارخ لكل الاتفاقات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية والتنكر لجميع التعهدات السابقة.

وأضاف البيان، أن مملكة البحرين تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر حفاظاً على أمنها الوطني وسحب البعثة الدبلوماسية البحرينية من الدوحة وإمهال جميع أفراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة، كما تعلن إغلاق الأجواء أمام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر خلال 24 ساعة من إعلان البيان.

ممارسات خطيرة

وأوضح البيان أن البحرين، إذ تمنع مواطنيها من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها، فإنها تأسف لعدم السماح للمواطنين القطريين من الدخول إلى أراضيها أو المرور عبرها، كما تمنح المقيمين والزائرين القطريين مهلة 14 يوماً لمغادرة أراضي المملكة تحرزاً من أي محاولات ونشاطات عدائية تستغل الوضع رغم الاعتزاز والثقة العالية في إخواننا من الشعب القطري وغيرتهم على بلدهم الثاني.

وأوضحت البحرين أن الممارسات القطرية الخطيرة لم تقتصر على مملكة البحرين، إنما تعدتها إلى دول شقيقة أحيطت علماً بهذه الممارسات، التي تجسد نمطاً شديد الخطورة لا يمكن الصمت عليه أو القبول به، إنما يستوجب ضرورة التصدي له بكل قوة وحزم.

البيان البحريني عبر عن أسفه لهذا القرار، الذي اتخذته المملكة صيانة لأمنها وحفاظاً لاستقرارها، مؤكدة حرصها على الشعب القطري الشقيق الذي يدرك معاناتنا وهو يشهد مع كل عملية إرهابية سقوط ضحايا من إخوانه وأهله في البحرين بسبب استمرار حكومته في دعم التطرف على جميع المستويات والعمل على إسقاط النظام الشرعي.

إجراءات فورية

وفي الرياض، أكد مصدر سعودي مسؤول، أن المملكة قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، كما قررت إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت ممكن لكافة وسائل النقل من وإلى دولة قطر، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي.

وأضاف المصدر أن السعودية اتخذت قرارها الحاسم هذا نتيجة للانتهاكات الجسيمة، التي تمارسها السلطات في الدوحة، سراً وعلناً، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم "داعش" و"القاعدة"، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم.

نشاطات إيران

كما ندد البيان بدعم قطر لنشاطات الجماعات المدعومة من إيران في محافظة القطيف، وفي مملكة البحرين وتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام، التي تسعى إلى تأجيج الفتنة داخلياً كما اتضح للمملكة الدعم والمساندة من قبل السلطات في الدوحة لميليشيا الحوثي الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن.

وأوضح البيان، أن السعودية اتخذت هذا القرار تضامناً مع البحرين التي تتعرض لحملات وعمليات إرهابية مدعومة من قبل السلطات في الدوحة.

وقال إنه منذ عام 1995 بذلت المملكة العربية السعودية وأشقاؤها جهوداً مضنية ومتواصلة لحث السلطات في الدوحة على الالتزام بتعهداتها ، والتقيد بالاتفاقيات، إلا أن هذه السلطات دأبت على نكث التزاماتها الدولية، وخرق الاتفاقات التي وقعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتوقف عن الأعمال العدائية ضد المملكة، والوقوف ضد الجماعات والنشاطات الإرهابية، وكان آخر ذلك عدم تنفيذها لاتفاق الرياض.

احترازات أمنية

وذكر البيان أنه إنفاذاً لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية يمنع على المواطنين السعوديين السفر إلى دولة قطر، أو الإقامة فيها، أو المرور عبرها، وعلى المقيمين والزائرين منهم سرعة المغادرة خلال مدة لا تتجاوز 14 يوماً، كما تمنع، بكل أسف، لأسباب أمنية احترازية دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى السعودية، وتمهل المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة، مؤكدة التزامها وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين.

وأوضحت السعودية أنها صبرت طويلاً رغم استمرار السلطات في الدوحة على التملص من التزاماتها، والتآمر عليها، حرصاً منها على الشعب القطري الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة، وجزء من أرومتها، وستظل المملكة سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره بغض النظر عما ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية.

البيان الإماراتي

وأصدرت أبو ظبي بياناً قالت فيه: "تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها التام ودعمها الكامل لمنظومة مجلس التعاون الخليجي والمحافظة على أمن واستقرار الدول الأعضاء، وفي هذا الإطار وبناء على استمرار السلطات القطرية في سياستها التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة والتلاعب والتهرب من الالتزامات والاتفاقيات فقد تقرر اتخاذ الإجراءات الضرورية لما فيه مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي عامة والشعب القطري الشقيق خاصة، وتأييداً للبيان الصادر عن مملكة البحرين الشقيقة والبيان الصادر عن المملكة العربية السعودية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة قررت اتخاذ الاجراءات التالية:

1- قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الدبلوماسية وإمهال البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد.

2- منع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وتمهل المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة وذلك لأسباب أمنية واحترازية، كما تمنع المواطنين الإماراتيين من السفر إلى دولة قطر أوالإقامة فيها أو المرور عبرها.

3- إغلاق كل المنافذ البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة القادمة والمغادرة واتخاذ الإجراءات القانونية والتفاهم مع الدول الصديقة والشركات الدولية بخصوص عبورهم بالأجواء والمياه الإقليمية الإماراتية من وإلى قطر، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني الإماراتي.

إجراء حاسم

وأضاف البيان الإماراتي، أن الدولة تتخذ هذا الإجراء الحاسم نتيجة لعدم التزام السلطات القطرية باتفاق الرياض لإعادة السفراء والاتفاق التكميلي له 2014 ومواصلة دعمها وتمويلها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل إعلامها المباشر وغير المباشر وكذلك نقضها البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأميركية بالرياض تاريخ 21 مايو 2017 لمكافحة الإرهاب الذي اعتبر إيران الدولة الراعية للإرهاب في المنطقة إلى جانب إيواء قطر للمتطرفين والمطلوبين أمنياً على ساحتها وتدخلها في الشؤون الداخلية لدولة الإمارات وغيرها من الدول واستمرار دعمها للتنظيمات الإرهابية، مما سيدفع بالمنطقة إلى مرحلة جديدة لا يمكن التنبؤ بعواقبها وتبعتها.

وأضاف البيان، إذ تأسف الإمارات على ما تنتهجه السلطات القطرية من سياسات تؤدي إلى الوقيعة بين شعوب المنطقة، فإنها تؤكد احترامها وتقديرها البالغين للشعب القطري الشقيق لما يربطها معه من أواصر القربى والنسب والتاريخ والدين.

الموقف المصري

وفي مصر، قالت وزارة الخارجية، في بيان، "قررت حكومة جمهورية مصر العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر، وفشل كل المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر".

وتابع البيان "بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة وداعش، ودعم العمليات الإرهابية في سيناء، فضلاً عن إصرار قطر على التدخل في الشئون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربي، وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية، وفق مخطط مدروس يستهدف وحده الأمة العربية ومصالحها".

وذكر البيان، الذي نشرته الوزارة على صفحتها على "فيسبوك"، "تعلن جمهورية مصر العربية غلق أجوائها وموانئها البحرية أمام كافة وسائل النقل القطرية حرصاً على الأمن القومي المصري، وستتقدم بالإجراءات اللازمة لمخاطبة الدول الصديقة والشقيقة والشركات العربية والدولية للعمل بذات الإجراء الخاص بوسائل نقلهم المتجهة إلى الدوحة".

اليمن وليبيا

وحذا اليمن حذو السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وأعلنت حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمة الدوحة بدعم المتمردين الحوثيين المناصرين لإيران ودعم جماعات متطرفة في اليمن.

وإذ قرر التحالف العربي، الذي يقاتل الحوثيين في اليمن بقيادة السعودية، إنهاء مشاركة قطر فيه، قال وزير الخارجية في حكومة شرق ليبيا محمد الدايري، إن الحكومة حذت حذو حلفاء إقليميين وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.

وأعلنت المالديف قطع علاقاتها الدبلوماسية، التي أسستها مع قطر عام 1984. وقالت وزارة الخارجية في بيان إن القرار سببه "معارضتها القوية للأنشطة التي تشجع على الإرهاب والتطرف"، مضيفة أن "المالديف تشدد على التزامها بالعمل مع الدول التي تعزز السلم والاستقرار، وتؤكد التضامن في الحرب على الإرهاب". كما أعلنت موريشيوس قطع العلاقات.

رد قطري

وردت قطر بغضب، متهمة جاراتها بالسعي إلى "فرض الوصاية" عليها، ورأت أن القرار "غير مبرر". وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إن "هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وإدعاءات لا أساس لها من الصحة".

واعتبرت قطر أن الهدف من القرار "غير المبرر" القائم "على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة" والذي اتخذ "بالتنسيق مع مصر"، بحسب البيان، "واضح وهو فرض الوصاية على الدولة وهذا بحد ذاته انتهاك لسيادتها كدولة وهو أمر مرفوض قطعياً".

وعبرت وزارة الخارجية القطرية عن "أسفها واستغرابها الشديد"، ودانت "حملة تحريض تقوم على افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة، مما يدل على نوايا مبيتة للإضرار بالدولة".

وأكد البيان أن الإجراءات "لن تؤثر على سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين في الدولة وأن الحكومة القطرية ستتخذ كل الاجراءات اللازمة لضمان ذلك ولإفشال محاولات التأثير على المجتمع والاقتصاد القطريين والمساس بهما".

تسوية الخلافات

وتأتي هذه الازمة بعد أقل من أسبوعين على إعلان قطر أنها تعرضت لقرصنة أدت لنشر تصريحات نسبت إلى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا) تضمنت انتقادات للسعودية ودول الخليج بعد القمة الخليجية الأميركية في ختام زيارة الرئيس دونالد ترامب للرياض في 21 مايو.