البديل المتخلف
المشكلة الرئيسة في نظري أن الأساس الذي بني عليه توصيف الوظائف في ديوان الخدمة المدنية غير صحيح، بل إنه خطر على الوظيفة العامة وعلى العدالة التي ينشدها الجميع، ولا يوفرها هذا المشروع، فتوصيف الوظائف الذي تم خطره أكثر من عدم وجود التوصيف.
ما أطلق عليه جهلا بالبديل الاستراتيجي كان حصيلة تفكير أحد مستشاري ديوان الخدمة المدنية، وما أكثرهم لإضفاء هالة على مشروع توصيف وتقييم وظائف وزارات الحكومة وجهاتها التابعة، وتم تكليف مكتب استشاري بإعداد الأوصاف الوظيفية وإعداد نظام للتقييم يتم بناء عليه تقييم الوظائف واقتراح جدول للرواتب لكل وظائف الدولة، ولأن الدولة كانت قد أقرت قبل إعداد هذه المهام وأثناءها 50 كادراً مستقلا ليس بينها رابط، فقد حار الديوان فيما يمكن عمله لتجاوز هذه الكوادر، وكلفت أكثر من جهة للبحث عن حلول.لكن المشكلة الرئيسة في نظري أن الأساس الذي بني عليه توصيف الوظائف غير صحيح، بل إنه خطر على الوظيفة العامة وعلى العدالة التي ينشدها الجميع، ولا يوفرها هذا المشروع. توصيف الوظائف الذي تم خطره أكثر من عدم وجود التوصيف، وذلك للأسباب التالية:1- إن التوصيف وضع دون مراجعة للهيكل العام للوظيفة العامة ودون أي تطوير لها.
2- إن تقنين الوظيفة العامة بوضعها الحالي هو تثبيت للوضع المتردي للوظيفة العامة وإبقاء على المستوى المتدني للأداء وللخدمات العامة. 3- إن أغلب الأوصاف أعدت بدون تحليل للوظيفة العامة، وإعداد مرجع للمستوى المطلوب للوظيفة العامة في المستقبل. 4- إن التوصيف وضع ليناسب شاغلي الوظائف الحاليين ومؤهلاتهم لا المتطلبات الحقيقية الفعلية للوظائف. 5- لم يقدم حلا للكوادر الكثيرة والمعقدة التي أقرها الديوان دون روية أو نظرة مستقبلية لآثارها. 6- إن نظام تقييم الوظائف الذي تم اختياره لا يقل سوءا عن بطاقة الوصف الوظيفي، وأعد بدون إدراك من المستشار ولا المستشارين الثابتين للديوان.7- كان نظام التقييم نسخة من نظم شركة نفط ولم يحدد الديوان ولا المستشارون أي دليل أو هدف واضح لعملية التقييم. 8- إن التقييم تم للوصف الخطأ بالأصل وكانت مفاجأة لمستشاري الديوان حين قدمنا لهم جدولا بنتائج التقييم. كان هناك عدد من الوظائف المختلفة وبمستويات متعددة على درجة واحدة.9- كانت ستحدث كارثة لو تم تطبيق ذلك التوصيف والتقييم تزيد من كارثة الكوادر.10- أعاد الديوان النظر في التوصيف والتقييم على يد مستشاريه وخرج بنتائج أسوأ، وكان لا بد أن يحدث هذا لأن العملية برمتها تفتقر للهدف الواضح والخطة السليمة والنية الصادقة للإصلاح.11- بعد هذا تعددت الآراء والاستشارات وجيء بشركة أميركية تتبع الهيئة العامة للاستثمار، فخرجت بحل سريع لتوحيد قاعدة الكوادر، بما فيها الكادر العام، دون أن تحقق العدالة ولا أي تطوير للوظيفة العامة. الحل المقترح هو أيضا تثبيت للوضع الخطأ واستمرار الأداء السيئ لها.إن أي حل لا يعيد صياغة مفهوم الوظيفة العامة وأهدافها ومستوى الخدمة المطلوبة وتطوير أدوات تقديمها لن يكون إلا ترقيعا مؤقتا يراكم المشاكل، ويسيء إلى جمهور المتعاملين مع مؤسسات الدولة، ويزيد من تذمر الناس والموظفين وسخطهم. لا بد أن يكون الحل شاملا قبل أي توصيف أو تقييم، ولا بد من إيجاد حل لمشكلة الكوادر حتى لو أدى إلى إلغائها كاملة والعودة إلى الوضع قبل عام 2000، وإعادة ترتيب أعداد محدودة من الكوادر لا تتجاوز 6 كوادر على الأكثر، وما لم نصل إلى مثل هذا الحل فإن الجدال سيستمر دون نهاية.