الجريدة• ... البيت
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
الصديق العزيز الروائي إسماعيل فهد إسماعيل طلب مني أكثر من مرة أن أجمع مقالاتي في هذه الزاوية، وتحديداً تلك التي تقدم عرضاً لكتاب إبداعي، في الرواية أو القصة أو الشعر، وأن أفرز هذه المقالات وأجمعها لتكون كتاباً جديداً لي. لكني وفي كل مرة كنت أبتسم له، وأردّ عليه بقولي: "ما للزاوية يبقى للجريدة والزاوية"، فأنا أشعر أن الزاوية الثقافية الأسبوعية هي بمنزلة تحفيز للكاتب، وإبقاء لنبض قلمه، وكم هو كبير ومهم هذا.على مرِّ عشر سنين، اتخذتُ من هذه الزاوية بيتاً لي، ومنها كنت أنقل للقارئ قناعاتي ووجهة نظري حيال ما يجري على الساحة الإبداعية والثقافية المحلية والعربية والعالمية. ولذا كنتُ أطالب نفسي دائماً بأن أبقى على القرب من الحدث الدائر، وأن أقول كلمة قد تبدو مختلفة فيما يجري.أخطر ما يكمن خلف الكتابة الصحافية بالنسبة إلى المبدع، هو أن المبدع بحاجة إلى شحنة انفعالية تساعده على كتابة روايته أو قصته القصيرة أو حتى قصيدته. لكن الكتابة الصحافية تسرع لامتصاص هذه الشحنة وتسطيرها في مقال صحافي. لذا فهناك معاناة خاصة للمبدع الذي يشتغل في الشأن الصحافي. معاناة تتمثل غالباً في توزعه بين الكتابة الإبداعية والكتابة الصحافية. ولأن الثانية تبدو أسهل وأكثر إغراء من الأخرى، فإنه يلجأ إليها هروباً من إبداعه. لكن، وفي أحياناً كثيرة بالنسبة إلي، تكون كتابة المقال الصحافي حافزاً للعودة إلى الكتابة الإبداعية. منذ ما يزيد على العقود الثلاثة، وأنا أعيش موزعاً بين القراءة والكتابة؛ القراءة بوصفها متعة المتع الأطيب، والكتابة بوصفها الخطو الذي يضمن لي شيئاً من التوازن مع اللحظة التي أعيش. أكتب قصة أو رواية أو مقالاً صحافياً، وفي الجميع أقول قناعتي وشيئاً من خفق قلبي."الجريدة" تخطو نحو عام جديد، ومعها نخطو نحن سكان بيتها!