قرار باريس يبرز مدى قوة نظرة ترامب العالمية

نشر في 07-06-2017
آخر تحديث 07-06-2017 | 00:12
عكس تصريح ترامب عن اتفاقية باريس تأكيداً ضمنياً على أن مقاربته ستؤدي إلى المزيد من الوظائف، فضلاً عن ثروة اقتصادية أكبر وحياة أفضل للرجال والنساء العاملين الذين أساءت إليهم الاتفاقات العالمية السابقة، سواء في مجال التجارة أو البيئة.
 واشنطن بوست يمثّل قرار ترامب سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ الصورة الأكثر وضوحاً حتى اليوم للمعتقدات والمبادئ التي تقوم عليها نظرته العالمية، فلا تشكّل عبارة "الولايات المتحدة أولاً" مجرد شعار بالنسبة إلى هذا الرئيس، بل هي اختصار لمعتقداته الطويلة الأمد (ومظالمه) بشأن حالة المسائل الراهنة وما يجب أن تكون عليه.

تجسّد رئاسة ترامب وحملته مجموعة من وجهات النظر التي صاغها قبل دخوله عالم السياسة، ووُضع قرار باريس في إطار تصحيح المساوئ الاقتصادية في جيل من الاتفاقات العالمية التي عارضها ترامب بشدة طوال عقود.

يساهم هذا القرار أيضاً في تقديم إطار عام للحوار المتواصل حول مَن يمسك بزمام السلطة في البيت الأبيض في عهد ترامب، فقد عملت وسائل الإعلام بعيد حفل تسلم السلطة على رسم حركة صعود وتراجع عدد من المستشارين البارزين، مستندةً إلى تسريبات من هذا الفصيل أو ذاك. إنها "لعبة عروش" حقيقية.

في أيام الإدارة الأولى كان كبير الاستراتيجيين ستيفن ك. بانون "سفنغالي" الرئيس، مهندس وجهات النظر الرئاسية العالمي، وراسم الرؤية القاتم الأقل مثالية التي تبناها الرئيس.

برز بعد ذلك "المعتدلون" والنماذج الشبيهة برؤساء الشركات في نيويورك: ابنته إيفانكا ترامب، وزوجها غاريد كوشنر، وكبير المستشارين الاقتصاديين غاري كون، ومساعد مستشار الأمن القومي دينا باول، فوحّد هؤلاء الجهود في محاولة لدفع الرئيس نحو مسار أكثر اعتدالاً، وفي تلك الرواية حُجّم بانون وانسحب.

يمثّل قرار باريس وجهة نظر ترامب العالمية ومكانة الولايات المتحدة فيها كما عبّر عنهما كون ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر في مقال افتتاحي نُشر أخيراً في صحيفة وول ستريت، فقد رفضَا في هذا المقال مفهوم "مجتمع عالمي" من الأمم ليتبنيا حلبة أشد عنفاً تسودها المنافسة بين الأمم التي تؤججها المصالح الشخصية، واعتبرَا أن الولايات المتحدة تتمتع بالقدرة على التفوق في هذه المنافسة.

شدّد كون وماكماستر على أن شعار "الولايات المتحدة أولاً" لا يعني "الولايات المتحدة وحدها"، لكن مقاربة ترامب تتبنى على ما يبدو فكرة أن الولايات المتحدة ستكسب أفضليات تنافسية إذا عملت وحدها في المجال الاقتصادي وركّزت على مصالحها الخاصة، وقد برزت مقاربة الرئيس، التي ترتكز على المعاملات في المقام الأول، عندما أعلن أنه سيسعى للتوصل إلى صفقة أفضل من اتفاقية باريس بشأن المناخ، مع أننا لن نشهد قريباً أي منتدى من هذا النوع لتحقيق ذلك.

عكس تصريح ترامب عن اتفاقية باريس تأكيداً ضمنياً على أن مقاربته ستؤدي إلى المزيد من الوظائف، فضلاً عن ثروة اقتصادية أكبر وحياة أفضل للرجال والنساء العاملين الذين أساءت إليهم الاتفاقات العالمية السابقة، سواء في مجال التجارة أو البيئة، والذين شكّلوا أبرز داعميه في شهر نوفمبر، أو سيحول قراره بالانسحاب على الأقل دون خسارة المزيد من وظائف أولئك الأميركيين المنسيين، كما وصفهم.

في مستهل عهد ترامب أعلن أنه انتُخب رئيسا للولايات المتحدة لا العالم، وعاد أخيراً إلى هذا المحور قائلاً إنه انتُخب "ليمثّل مواطني بيتسبرغ لا باريس"، ولا شك أن هذا الخطاب يخيف الكثير من مؤيدي الحركة الدولية في الولايات المتحدة وخارجها، إلا أنه يظل محور تفكير الرئيس وسيواصل تطبيقه.

* دان بالز

* «واشنطن بوست»

back to top