بريطانيا: «المحافظون» يخسرون الغالبية المطلقة في البرلمان
خسرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الخميس الرهان في الانتخابات التشريعية البريطانية، فهي كانت تأمل بالحصول على «تفويض واضح» من أجل التفاوض حول خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، لكنها خسرت الغالبية المطلقة التي كانت تتمتع بها في البرلمان بحسب ما أظهرت أولى الاستطلاعات.وحصل المحافظون على 314 مقعداً مقابل 330 في البرلمان المنتهية ولايته، فيما فاز حزب العمال بزعامة جيريمي كوربين بـ37 مقعداً ما يرفع عدد مقاعده إلى 266 مقعداً، بحسب استطلاعات نشرها مركز ايبسوس موري بعد إغلاق صناديق الاقتراع.واستناداً إلى هذه الاستطلاعات فإن ماي خسرت غالبيتها المطلقة قبل أيام من بدء المفاوضات الحاسمة مع الاتحاد الأوروبي والمتعلقة ببريكست.
وفي حال تأكدت هذه الاستطلاعات فإنّ ذلك سيشكل هزيمة قاسية لتيريزا ماي التي دعت إلى انتخابات تشريعية مبكرة أملاً بتعزيز غالبيتها في البرلمان وإطلاق يدها في مفاوضات بريكست.لكن حزب العمال بزعامة كوربين الذي قاد حملة وصفت بأنها ناجحة قد أحبط خطط ماي.وقد أدى نشر هذه الاستطلاعات الأولية إلى هبوط الجنيه الأسترليني في نيويورك.
مفاوضات صعبة
وقال طوني تريفيرز من «لندن سكول اوف ايكونوميكس» أنه «يبدو أنه سيكون هناك عدم استقرار وأنه سيكون من الصعب أكثر على الحكومة البريطانية أن تفاوض حول بريكست من موقع قوة».وإذا تأكدت الاستطلاعات وخسر المحافظون غالبيتهم فسيكون أمامهم خيار يتمثل إما بتشكيل حكومة أقلية أو تشكيل ائتلاف مع حزب واحد أو عدد من الأحزاب الأخرى، وفي الحالتين فإن المفاوضات ستستمر أسابيع عدة ما قد يوجه ضربة قاسية إلى روزنامة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.أما الحزب الوطني الاسكتلندي فخسر نحو 34 مقعداً، بحسب تلك الاستطلاعات.وفاز حزب الديموقراطيون الأحرار المؤيد لأوروبا بستة مقاعد ليرتفع عدد مقاعده إلى 14 من دون أن يتمكن من توحيد البريطانيين الذين كانوا صوتوا ضد بريكست.وقالت باولا سوريدج من جامعة بريستول «يبدو واضحاً الآن أن تيريزا ماي خسرت الرهان، ومن المبكر أيضاً القول ما إذا كانت ستبقى رئيسة للوزراء».وأضافت «قد تجد نفسها سريعاً تحت ضغط الاستقالة من منصبها كزعيمة للحزب المحافظ».الأمن
وكان البريطانيون أدلوا بأصواتهم الخميس للاختيار بين الاستمرارية الممثلة بتيريزا ماي أو الثورة مع جيريمي كوربن، في انتخابات تشريعية مبكرة جرت وسط إجراءات أمنية مشددة.وفي لندن وبرمنغهام ومانشستر وليفربول وغلاسغو أغلقت مكاتب الاقتراع عند الساعة 22,00 (21,00 ت غ) في بلد شهد ثلاثة اعتداءات تبناها تنظيم داعش وأسفرت عن 35 قتيلاً خلال أقل من ثلاثة أشهو، وكان آخرها مساء السبت في وسط العاصمة لندن (8 قتلى).وطغت مسائل الأمن وبريكست على اهتمامات الناخبين عند ادلائهم بأصواتهم.وقال انغوس ديتماس (25 عاماً) في مكتب اقتراع في حي بشمال لندن لوكالة فرانس برس «لقد قمت بخياري على أساس هاتين المسألتين، الحصول على اتفاق جيد حول بريكست والأمن».وفي المكتب نفسه عبر سايمون بولتون (41 عاماً) عن رغبته في التصويت «لزعيم قوي، شخص يقدم ضمانات وبإمكانه أن يحصل على أفضل اتفاق ممكن حول بريكست».في كل أنحاء البلاد، جرى التصويت بعض الأحيان في أماكن غريبة، فقرب اوكسفورد (وسط) أقيم مكتب اقتراع في مركز غسيل عام، حيث وضع صندوق الاقتراع على طاولة قرب إحدى آلات الغسيل، وفي برايتون (جنوب) وضع مكتب اقتراع في طاحونة هوائية تعود إلى القرن التاسع عشر، كما جهزت عدة كنائس في مختلف أنحاء البلاد.وجرى هذا الاقتراع الذي دعي أكثر من 47 مليون بريطاني للمشاركة فيه، قبل ثلاث سنوات من انتهاء ولاية ماي.أكثر صلابة
ورأى محللون أن المحافظين الذين يعتبرون «أكثر صلابة» في القضايا الأمنية يواجهون انتقادات لأنهم لم يتمكنوا من منع وقوع الهجمات ولأنهم ألغوا عشرين ألف وظيفة في أجهزة الشرطة منذ 2010.وقال جواد (23 عاماً) في مكتب اقتراع في باركينغ (شرق لندن) الذي انطلق مه منفذو اعتداء السبت «لا نريد أن تؤثر هذه الهجمات على ما نفكر به»، مضيفاً «في مطلق الأحوال، سيكون هناك تهديدات بغض النظر عن الفائز».ورهان الانتخابات يتجاوز إلى حد كبير حدود البلاد فيما يريد الاتحاد الأوروبي ان يبدأ مفاوضات بريسكت في أسرع وقت ممكن.وكانت ماي التي أدلت بصوتها صباحاً في بلدة سونينغ (غرب لندن) قد عبرت عن أملها في أن تزيد غالبيتها الضيقة من 17 مقعداً إلى حوالي 50 مقعداً برلمانياً لتجنب أي تمرد من معسكرها خلال مفاوضات بريكست.وقالت للناخبين «أعطوني تفويضاً واضحاً للتفاوض على أفضل اتفاق ممكن لبريطانيا».أما خصمها العمالي جيريمي كوربن أحد أعمدة الجناح اليساري في حزب العمال ولم يشغل في الماضي أي منصب وزاري، فلا يشكك في «واقع بريكست»، لكنه يريد تبني موقف أكثر تصالحاً مع المفوضية الاوروبية والمحافظة على منفذ إلى السوق الأوروبية الواحدة.مع أن سبب التصويت هو بريكست الذي يشكل إحدى القضايا الرئيسية للبريطانيين، فقد غاب الموضوع عن المناظرات.وباستثناء الجدل حول المسؤول الأفضل لقيادة المفاوضات حول بريكست، لم يقدم كوربن ولا ماي رؤية مستقبلية للمرحلة التالية.على الصعيد الوطني، تناولت الحملة التي سادها توتر وكانت قصيرة جداً وتخللتها اعتداءات، قضايا مثل الدفاع عن النظام الصحي الوطني الذي يعزز عادة موقع العماليين بقيادة كوربن.