دق الكرد أول مسمار في نعش العراق الواحد الموحد حين أعلنوا في اجتماع ضم القادة بزعامة رئيس الإقليم مسعود برزاني يوم الأربعاء 7 يونيو موعد الاستفتاء على الانفصال عن العراق في 25 من شهر سبتمبر القادم، وكذلك حددوا السادس من شهر نوفمبر المقبل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الإقليم، وقد يقوم "السنّة" غدا بالأمر نفسه ويطالبون بدولتهم المستقلة بعيدا عن وصايا بغداد، والأمر يسوء ويتدهور أكثر عندما تتولى الميليشيات الطائفية داخل الحشد الشعبي سدة الحكم، وتفوز في الانتخابات القادمة التي تجرى عام 2018. الأجواء مهيأة لهذه المرحلة منذ الآن، وفي حال صعودها إلى الحكم لن يكون خطر هذه الميليشيات محصورا على الشعوب العراقية فحسب، بل سيمتد إلى دول الجوار العربي، والتهديدات اليومية التي يطلقها قادة هذه الميليشيات إلى تلك الدول، وعلى وجه الخصوص الكويت والمملكة العربية السعودية دليل على النية المبيتة لهؤلاء لتوسيع نطاق عدوانهم باتجاه هاتين الدولتين.
ولم يقدم الأكراد على هذه الخطوة نحو الاستقلال إلا اضطرارا، حيث لم يجدوا طريقا آخر غير قطع العلاقات والسير نحو الانفصال والاستقلال بعد أن فشلت كل محاولات التفاهم عبر الحوار وتحكيم الدستور، وبسبب خطأ سياسة بغداد التي لا تختلف كثيرا عن سياسة حزب البعث البائد في قمع الأكراد وإخضاعهم بالقوة، فالعراق وصل إلى الحضيض في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق "نوري المالكي" الذي كان يمارس سياسة عدوانية ضد السنة والكرد، ولم تبق وسيلة ضغط إلا استعملها ضدهم حتى وصل إلى التهديد بالقوة العسكرية، واجتياح مدنهم وقد فعلها في مناطق سنية عديدة، وعندما عجز عن مواجهة الأكراد عسكريا فرض عليهم حصار جائرا استمر حتى الآن.ولم يسلك حيدر العبادي مسلكا مغايرا لسياسة المالكي، بل سار على منوالها، فبقي الحصار على الشعب الكردي على حاله والسنّة ظلوا بعيدين عن مراكز القرار والشراكة السياسية، وظل القرار الفصل والهيمنة المطلقة للأحزاب الشيعية، وتفاقمت الأزمات وانتشر الفساد أكثر في مفاصل الدولة، وتكرس الفكر الطائفي والإصلاحات التي كان يعدها "العبادي" لم تتحقق، وبدأت الرؤية تتوضح والمؤامرات تتكشف وتشير إلى أن العراق في طريقه إلى الهاوية. الزعماء ليس لديهم أي فكرة حقيقية لتصحيح المسار، ولا خطة محكمة لإدارة البلاد، فهم لا يملكون خبرة سياسية كافية لمعرفة المجتمعات المتناقضة التي يتعاملون معها، يحكمون بخلفياتهم الدينية والمذهبية ولا يملكون ثقافة التعامل مع المستجدات السياسية الطارئة والمتغيرات في المنطقة بروح وطنية مسؤولة، فنرى أحدهم كالمالكي مثلا يأمر جيشه العرمرم بالانسحاب من ساحة المعركة والهروب أمام شرذمة إرهابية قليلة، وترك مدينة الموصل لها تحت رحمتها في موقف مخجل لا ينم عن أي شعور بالوطنية.انتظر الكرد منهم طويلا- منذ 2005- أن يطبقوا المادة 140 من الدستور التي تعالج قضية المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها الشرعيين، وهي مادة مهمة ومصيرية بالنسبة إلى الكرد، ولكن دون جدوى! الكل تهرب من تفعيلها بحجة واهية، لذلك قرر الكرد أن يذهبوا إلى الاستفتاء، وهو أول خطوة نحو الاستقلال. * كاتب عراقي
مقالات - اضافات
إقليم كردستان في طريقه للانفصال عن العراق
09-06-2017