تحدى الصعاب، وغامر بوقته وجهده وماله، وسافر إلى الولايات المتحدة للدراسة، في وقت لم يسبقه كويتي آخر إليه. التقيته في منزله بالمنصورية في 30 سبتمبر 2010، وكان وقتها يتذكر القليل عن ماضيه الطويل، لكنه كان واعياً لما يقوله، وحينما يصعب عليه التذكر يقول بابتسامة جميلة إنه لا يتذكر.

أخبرني المرحوم العم السيد حامد السيد محمد السيد صالح الرفاعي، بأنه وُلد بالحي القبلي بمدينة الكويت في عام 1918، لكن السجلات الرسمية قيدت ميلاده في عام 1924، وقال لي إن منزلهم كان يقع قريباً من مسجد العثمان وبجوار بيت النقيب وبيوت الشطي.

Ad

درس العم حامد، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى في 10 رمضان 1438هـ (5 يونيو 2017)، في الكتاتيب القديمة أولاً، ثم بدأ الدراسة النظامية بالمدرسة الأحمدية، وأنهى جميع مراحلها. ونظراً لحبه للدراسة، قرر أن يُكمل تعليمه في البصرة، فانتقل إليها للدراسة الثانوية التي أتمها بتفوق وعاد إلى الكويت.

وفي الكويت، أقنع والدته وإخوته بالموافقة على أن يسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية لكي يدرس بها المرحلة الجامعية، وهي فكرة استقاها من زميل عراقي له في الثانوية بالبصرة.

بدأ السيد حامد بمراسلة جامعات أميركية عديدة، بعد أن أخذ عناوينها من السفارة البريطانية في الكويت، وحصل على قبول من أكثر من جامعة، وقرر أن يلتحق بكلية "ساكريمنتو سيتي" بولاية أركنساس.

قال لي إنه سافر إلى أميركا بالطائرة في عام 1947، وإن سفره استغرق ثلاثة أيام، وتوقف في عدة دول، حتى وصل إلى مدينة نيويورك، وارتاح فيها مدة خمسة أيام، ثم استأنف رحلته إلى ولاية أركنساس. وقد كانت الرحلة والدراسة على نفقة أسرته، حيث دفع قيمة التذكرة 150 ديناراً (ربما كان يقصد ديناراً عراقياً)، وأخذ معه شيكاً مصدقاً بمبلغ 500 دولار، وسافر إلى بلد بعيد جداً لم تطأه قدما كويتي قبله، ولا يدري إن كان سيعود من رحلته الجريئة أم لا. لكنه، بحمد الله، عاد بعد عدة سنوات عندما وافقت دائرة المعارف على تحمُّل نفقات دراسته ومعيشته في أميركا، وخصصت له راتباً شهرياً مقداره 400 دولار، ثم عاد إلى كليته، لاستئناف دراسته في تخصص الهندسة الميكانيكية، وأكمل تعليمه وتخرج في عام 1953.

بعد عودته من الولايات المتحدة، التحق السيد حامد الرفاعي بدائرة المعارف كموظف إداري، وظل بها سنوات طويلة، لكنه كان يحب العمل الخاص، فافتتح في بداية الستينيات محطة لغسل السيارات في منطقة الشويخ، وأطلق عليها اسم "محطة شهرزاد"، اشتهرت كثيراً بين الناس، حتى أصبحوا يطلقون على الدوار القريب منها دوار شهرزاد.

عُرف بمحافظته على الصلاة بالمسجد حتى آخر أيامه، وكان لا يلبس العقال، بل يكتفي بالغترة فوق رأسه. له من الذرية ولد واحد و6 بنات. أسأل الله تعالى أن يغفر له، وأن يسكنه فسيح جناته.