إيران... والحقائق الجديدة!

نشر في 10-06-2017
آخر تحديث 10-06-2017 | 00:19
 صالح القلاب حتى قبل انتهاء الهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا مرقد الإمام الخميني والبرلمان الإيراني، فإن أكثر من ناطق رسمي باسم الحكومة الإيرانية سارع إلى زج اسم تنظيم داعش، الذي غدا بضاعة رائجة للاستخدام، في هذين الهجومين. ولأنه لم تعد هناك إمكانية لإخفاء حقائق الأمور، وثبت أن الفاعلين كلهم إيرانيون، فقد ذهب جهاز "فبركة" الاتهامات في اتجاه آخر، وأُلْصقت التهمة بالمملكة العربية السعودية، التي لم تكن في أي يوم من الأيام وعلى مدى تاريخ طويل، لها علاقة بأي أعمال إرهابية، لا ضد طهران ولا ضد غيرها.

وهنا، فإن ما يثير ليس سؤالاً واحداً إنما ألف سؤال وسؤال، هو أن البيانات الإيرانية وتصريحات الناطقين الرسميين الإيرانيين، وما أكثرهم، لا تزال - رغم كل هذه الفترة - متضاربة، إنْ بالنسبة للجهة أو الجهات المنفذة لهاتين العمليتين، أو بالنسبة للخسائر التي تكبدتها إيران، وأيضاً بالنسبة لاستهداف ضريح الإمام الخميني الذي يقع جنوبي طهران ويبعد عن مجلس الشعب (البرلمان) الذي استهدف هو أيضاً بأكثر من عشرين كيلومتراً.

إن المؤكد والواضح أن المسارعة لزج اسم "داعش" في هاتين العمليتين وإصدار بيان باسمه، بل وتزويد وكالة أنبائه (الأعماق) بشريط مصور، وكل هذا تم خلال دقائق معدودات، يدل على أن هناك اتفاقاً بين الأجهزة الأمنية الإيرانية وهذا التنظيم، الذي ثبت وبالأدلة القاطعة، ومراراً وتكراراً، أنه يرتبط بطهران وبأجهزتها بحبل سري متين لم ينقطع خلال أكثر من 6 سنوات ماضية، على استخدام اسمه في أي مناسبة كهذه المناسبة، وحتى وإنْ كان قد أعلن أكثر من مرة، أنه سيقوم بـ"فتح" إيران ويعيدها "مسلمة سُنية".

هناك الآن أكثر من جهة إيرانية لجأت إلى الثورة المسلحة للتخلص مما تسميه نظام "الملالي"، فبالإضافة إلى حركة "مجاهدي خلق"، التي لجأت إلى حمل السلاح في فترة مبكرة، هناك "البلوش" الذين نفذوا العديد من العمليات الموجعة ضد "نظام الملالي"، الذي هدد بالرد بعمل عسكري داخل باكستان، وهناك "الأكراد" الذين كانوا استأنفوا ثورتهم المسلحة في فترة مبكرة، وهناك "الآذاريون" الذين يطالبون بحقوق متساوية مع الفرس، وهناك الشريحة الإيرانية العريضة التي لا تزال توالي النظام "الشاهنشاي" السابق، ولا تزال تسعى إلى عودته، إن ليس بالقوة، فبالاجتماعات والمعارضة السلمية، وهناك أيضاً "أقليات" أخرى دائمة الشكوى من أنها مهملة وأن حقوقها منقوصة.

وهكذا، فإن الأخطر فيما جرى الأربعاء الماضي، هو أن الجرأة وصلت بالمعارضة المسلحة، بغض النظر عن عنوانها، وسواء أكانت كردية أم عربية أم بلوشية أم مجاهدي خلق... أو غير هؤلاء جميعاً، إلى هذا الحد، إلى حد استهداف ضريح الإمام الخميني، الذي هو صاحب "ولاية الفقيه"، وهو الذي أسقط الشاه محمد رضا بهلوي، وهو الذي أقام هذه الدولة التي "تمددت" في العراق ولبنان وسورية، وتحاول التمدد في اليمن والعديد من الدول العربية، وأيضاً إلى حدِّ استهداف مجلس الشعب (البرلمان)، الذي يجسد "الشرعية الإيرانية"!

back to top