تلقينا كشعب خليجي خبر المقاطعة بألم شديد؛ وذلك لأن الجسد الخليجي كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، إخوة في الدم، مصاهرة ونسق ثقافي واحد، مصير مشترك، ومن الحكمة الآن تهدئة النفوس وعدم الخوض في القرارات وعدم نقد طرف لمصلحة آخر. يعود أصل المشكلة في نظري إلى سببين: الأول استضافة الدوحة لبعض الثوريين العرب جلهم من جماعة الإخوان المسلمين، والسبب الثاني يتمثل في تغطية قناة الجزيرة لثورات الربيع العربي، ومن المفيد هنا أن نذكر تجربة تاريخية من باب الاستفادة والتعرف عن قرب على الإدارة بالحكمة وصبر الأخ على أخيه، وهي تعاطي دولة الكويت مع قناة الجزيرة في تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت قناة الجزيرة تميل إلى موقف الحكومة العراقية؛ وأقصى ما ذهب إليه الكويتيون هو: الاحتجاج وإغلاق مكتب الجزيرة في ذلك الوقت؛ وإرسال النخبة المثقفة الكويتية للدفاع عن وجهة النظر التي تتبناها الكويت أمام المشاهد العربي، ومن خلال منبر الجزيرة نفسه في برنامجها عالي الصيت الاتجاه المعاكس، وكلنا يذكر الصولات والجولات الناجحة للمرحوم أحمد الربعي ورفاقه سعد بن طفلة وعايد المناع وعبدالله النفيسي والشيخ أحمد الفهد وغيرهم كثير.
موقف دولة الكويت هذا نابع من حرص القيادة الرشيدة واستشعارها أهمية وحدة الخليج و"تطويف" الفرصة أمام المتربصين بهذا الكيان؛ وتتعاظم أهمية المحافظة على هذه المنظومة الآن بوجود جو إقليمي ملتهب، لذلك أتى موقف دولة الكويت المشرف الحيادي والإيجابي بتدخل أمير الحكمة وقائد الإنسانية أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه؛ والذي يخوض الآن التحدي الأكبر لرأب الصدع الخليجي برحلات مكوكية بين الرياض والدوحة وأبوظبي، وذلك بهدف تقريب وجهات النظر وحلحلة هذه المقاطعة؛ أطال الله في عمرك يا صاحب السمو وسدد الله خطاك في الصلح بين الأشقاء.ختاماً: نحن في الكويت وفي كل عام نستذكر الوقفة المشرفة لإخوتنا في الخليج إبان الغزو العراقي؛ خصوصا موقف الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية الذي عبر عنه وبكل وضوح المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، حين قال في أحد تصريحاته المشهورة "ترجع الكويت ولا تروح السعودية معاها". إن هذا الموقف النبيل لا يصدر إلا من قادة عظام يؤمنون أن مصيرهم واحد؛ لذلك نهيب بالقادة الخليجيين وهم أهل لذلك استخضار مواقف الفرسان السابقين الشيخ زايد بن نهيان والملك فهد بن عبدالعزيز والشيخ جابر الأحمد رحمة الله عليهم جميعا، وذلك بالتسامي فوق كل الجراح ونبذ الخلافات، والبدء بكل قوة لخليج متماسك أمام التحديات الوجودية.اللهم ارزق حكام دول الخليج العربي البطانة الصالحة والشعوب المخلصة واجعل راياتهم عالية وكلمتهم واحدة برحمتك يا أرحم الراحمين. ودمتم بخير.
مقالات - اضافات
High Light: خليجنا واحد
10-06-2017