«مجلس التعاون» في خطر
تصاعدت وتيرة الأحداث سريعاً في الأزمة التي أطلت برأسها منذ أيام بين عدد من دول الخليج، ولم نكن نتمنى أن تصل الأمور إلى حد القطيعة بين أشقاء تجمعهم صلات الرحم والنسب والدين واللغة، ورغم ما حدث فإن الآمال لا تزال معقودة على عودة المياه إلى مجاريها، حيث إننا نعول كثيراً على الحكمة الكبيرة التي يتمتع بها صاحب السمو أمير البلاد في لم الشمل الخليجي مرة أخرى، ورأب الصدع وحل بعض الخلافات في وجهات النظر، وسموه يمتلك القدرة على ذلك، حيث يمكن وصف سموه حفظه الله ورعاه بأنه عراب الخير، ودائماً ما تكلل مساعيه الحميدة بالنجاح وستثمر جهوده بعون الله في إعادة اللحمة إلى دول الخليج، كما حدث من قبل عندما نشبت أزمة سحب السفراء في عام 2014.وفي حقيقة الأمر فإن الأجواء الملتهبة في المنطقة والتقسيمات التي تحدث والنعرات الطائفية التي تصاعدت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة تحتاج من جميع الدول العربية والإسلامية إلى الوقوف صفاً واحداً في مواجهة الإرهاب، ودعاة التطرف والكراهية، ومن يحاولون نشر الفوضى في بلادنا، فقوتنا في وحدتنا، وخصوصاً دول الخليج التي تجتمع تحت مظلة منظمة مجلس التعاون منذ عقود، والتي يحاول البعض تفكيكها وضرب الأسافين بين أعضائها؛ لذا وجب على الجميع أن يدرك خطورة ما يحاك ضدنا، وأن يبذل القادة جهوداً أكبر للحفاظ على ما وصلنا إليه من وحدة وتعاون، حيث إن شعوب دول الخليج تعول كثيراً على تماسك مجلس التعاون والعمل على خير دولنا الشقيقة ورفاهيتها.
وكما يقولون «من رحم المعاناة يخرج الأمل»، فإننا ننتظر أن تسفر المساعي الصادقة عن حل الخلافات وتقريب وجهات النظر والوصول إلى أرضية مشتركة بين جميع الدول التي نشبت بينها الأزمة، لمصلحة شعوبنا والأمتين العربية والإسلامية، ويجب أن نستفيد مما حدث بحيث لا يتكرر مرة أخرى، وذلك من خلال وضع رؤية مستقبلية مبنية على التعاون والتكامل والاتفاق على القضايا المصيرية التي تهم المنطقة، بحيث لا يخرج أحد عن الإجماع ويغرد خارج السرب، وفي الوقت نفسه من حق كل دولة أن تكون لها مساحة من الاستقلالية في الآراء السياسية ووجهات النظر والتعامل مع من تشاء، بشرط ألا تضر أشقاءها وجيرانها، وأن تضع مصلحتهم أولاً وقبل كل مكاسب وقتية، والله من وراء القصد.