لا لفتنة «خطر قطر»
ما كدت أفتح عينيّ لأستقبل يوماً رمضانياً مباركاً وسعيداً، حتى انفجرت في وجهي الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بأبشع خبر نكدي في هذه السنة، سحب السفارات وقطع العلاقات الدبلوماسية مع وطن شقيق، وبعد برهة من التفكير، قلت في نفسي ليست المشكلة في أن قطر قدمت مساعداتها لمن تشاء، لكن الإشكال هو في نوعية الأحزاب التي اختارت مساعدتها، بل وفي الوقت الذي اختارت فيه مناصرتها، رغم وعيها بأن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه. لكنني على يقين في الوقت نفسه من أن وجود هذه المشكلة المحلية الطارئة لا يبرر لكائن من كان رشق أي حكومة بأي سهم من التهمة، كما لا يبيح لأي منا الاندلاق العاطفي والفوضوي إزاء تلك الحكومة أو ذاك الشعب، فنحن في زمن تزداد شراسة المؤامرة، وأصبحت الحاجة إلى الرزانة من ضرورة البقاء.لذلك فكل ما أريد من تلك المقالة هو ربط وشائجنا الأخوية من خلال الاستبصار الموضوعي بالأمور؛ فالوضع الخليجي يزداد حرارة، ومصر وقطر حالتهما تزداد حيرة وارتباكاً جراء تأثيرهما المميز على الخليج إعلامياً وسياسياً، والقرار السعودي الجازم والحازم لم يتخذ إلا بعد اطلاع مستفيض على المصالح الخليجية العامة للجميع، وأقدمت على قرارها السيادي بسبب خطورة الفتن الحزبية على منطقتنا، أما قطر فترنو للإعراب عن شخصيتها السيادية في المنطقة، رغم التوجه الراهن غير مألوف، مما أثار موجة مضادة طبيعية. فما دورنا كشعب خليجي؟ وما دورنا كمسلمين؟ هل نصب البنزين على النيران ونُضحِك على حماقتنا الجيران؟ أم نسد أفواهنا عما يتغلغل في صدورنا و»يقرقع» بقلوبنا؟ كشعب ينبغي علينا مقاطعة جميع أبواق الفتنة العالمية والمحلية، والتزام لغة التهدئة، ومواصلة الدعاء في هذا الشهر الفضيل أن تحبط خطة تفكيك الخليج المحيكة من قبل الأعداء. وألا نخلط الشعوب بقرارات ظرفية لا تتماشى مع وحدة الأسرة الخليجية المنصهرة مهما بلغ الوضع من اختلالات أو اختلافات.
المشكلة وقعت، حينما قامت دولة قطر الشقيقة بالتعبير عن توجهاتها بتصرفات رأتها المملكتان السعودية والبحرينية غير متناغمة مع مراد المركب الخليجي الواحد، وازدادت المحنة القطرية حينما قررت الإمارات العربية المتحدة الاتفاق مع توجه الرأي العام لمجلس التعاون الخليجي، فتدخلت الكويت، بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، بتقلد دور الوساطة بين الإخوة لإخماد نار الفتنة بين الجميع، تزامناً مع اشتعال وسم «#صباح_الأحمد_يحل_الأزمة»، لما عهده التاريخ الخليجي من حصافة الموقف الكويتي.ثمة محللون سياسيون، مثل العلاونة في الأردن، يزعمون أن دور الكويت هو تعاون مقصود مع القيادة السعودية لتخفيف وطأة الضغط النفسي في المنطقة، بل وفتح باب التسامح بين الحكومة القطرية وأخواتها بعد وضع شروط مرسومة؛ فالقارئ للأحداث يعي أن التاريخ سيعيد نفسه، وأن الخبرة ستعيد المياه إلى مجاريها، ففقاعات الأحزاب دائماً ستظهر وأبداً ستتفرقع إما بإهمال الشعوب لها أو بتدمير ذاتها من فسادها، وستبقى المَلكية راسخة كعمود الخيمة العربية الخليجية، وهذه هي النظرة الواقعية التي لا ترتفع إلى سماء الأحلام ولا تتهشم على أرض الواقع، فالحكمة تقول إن خير الأمور أوسطها.ومن النكران للجميل إهمال دور قطر العظيم في تطوير المنطقة الخليجية وجمعياتها الخيرية المنتشرة على جميع أراضي الوطن العربي، بل وتأبى شيمة العرب جحد جهودها المثلجة للصدور في التعاون العسكري التاريخي بينها وبين باقي دول الخليج، كما نعرب عن استعداد كل مواطن خليجي لأن يفتدي بنفسه الأراضي القطرية وسيادتها، ولكن لا توجد سفينة لها أشرعة متعاكسة إلا باتت محط سخرية العالم أجمع، وسيبقى أمل الخليج الخاص بقطر قائماً رغم الألم العربي العارم، وكفى الله الإخوة شر الفتنة.