استعرض تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي تصنيف الكويت الائتماني من وكالة "موديز" وقال انه ذكر في تقارير سابقة أن قراءة أي تقرير اقتصادي لمؤسسات أجنبية عامة أو خاصة، حول الكويت، لابد أن تكون قراءة تعي هدف ذلك التقرير، فهي تقارير مهمة أن استطعنا أن نستخلص ما هو مفيد من محتواها، بينما المبالغة في إعطائها أكثر مما تستحقه من أهمية، أو تجريدها من أي أهمية، هي مشكلتنا وضعف كامن في قدراتنا. وأشار التقرير إلى أنه قبل نحو ثلاثة أسابيع، أصدرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني تقريراً حول الكويت، والتقرير جيد في حدود مقاصده، فقد ثبت تصنيف الكويت السيادي عند Aa2، مع تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
وأوضح أن جمهور ذلك التقرير هم مقرضو الكويت الحاليون، والأهم المحتملون، ومحتوى التقرير ينصح المُقرض المحتمل بالمضي في إقراض الكويت، لأنها قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاهه، وذلك يعني للكويت موقفا تفاوضيا أفضل من زاوية انخفاض تكلفة الاقتراض عليها.وذكر أن معظم أسس التصنيف تعتمد على متغيرين، الأول، هو تماسك أسعار النفط بعد انهيارها في بدايات عام 2016، والثاني، هو حجم الصندوق السيادي للكويت، ومع ارتفاع أسعار النفط، انخفض مستوى العجز المالي وأصبح الصندوق السيادي يغطي سنوات أطول. بمعنى آخر، ذلك التصنيف الائتماني، وهو اسم على مسمى، يعني أن الكويت مأمونة في حال إقراضها وفقاً لآجال الائتمان المطلوب من قبلها حتى الآن، وقادرة على الوفاء بالتزاماتها. ويرى التقرير أن أي قراءة خارج ذلك الفهم، هي قراءة مضللة، فالتقرير ليس شهادة على كفاءة سياسات الكويت المالية والاقتصادية اللتين تحكم جودتهما قابليتهما للاستدامة على المدى الطويل، ولا تصويت بالثقة على حصافة سياستها الإصلاحية كما ورد في البيان الحكومي. أحد الأمثلة على صحة تلك الخلاصة، هو تزامن صدور تقرير التصنيف للكويت، مع خفض التصنيف الائتماني للصين، رغم أن الصين حققت نمواً اقتصادياً حقيقياً للربع الأول من العام الجاري بحدود 6.9 في المئة، وبيانات النمو الرسمية صادرة بعد 17 يوما فقط من نهاية ذلك الربع، رغم ضخامة اقتصادها البالغ نحو 11.2 تريليون دولار، وذلك دليل وعي وكفاءة، والصين لا تحتاج شهادة على حصافة أدائها الاقتصادي. وخفض تصنيفها الائتماني جاء بسبب ارتفاع حجم ديونها في اقتصاد إدارته مركزية، أي أن تصنيفها الائتماني جاء معاكساً لأدائها الاقتصادي، ولم تهتم الصين كثيراً بذلك التصنيف، لأن معظم احتياجاتها الائتمانية تلبى من السوق المحلي، ولشراء سلع وخدمات محلية، ويبقى صندوقها السيادي البالغ حجمه نحو 3 تريليونات دولار بمثابة احتياطي طوارئ.
وقال التقرير "ما نرغب في التأكيد عليه، هو أن السياسة المالية للكويت غير مستدامة، وأن زيادة الإنفاق العام بنحو 5.3 في المئة للسنة المالية الحالية مقارنة بمستوى إنفاق سابقتها رغم كل وعود ضبط الإنفاق العام، تعني أن حجم النفقات العامة إن استمر هذا المعدل من النمو، سيفوق الـ35 مليار دينار بحلول عام 2030، وسيكون سوق النفط حينها عاجزاً عن توفير ثلثها. لفت إلى أن السياسة الاقتصادية للكويت غير مستدامة، فهي حالياً عاجزة عن استيعاب ما لديها من قوة عمل مواطنة، وعلى الاقتصاد أن يوفر نحو 400 ألف فرصة عمل مواطنة بحلول عام 2030، وذلك في حكم المستحيل إن استمرت سياساتها الاقتصادية على ما هي عليه. وأشار التقرير إلى أن الشعور بالرضا من قراءة غير صحيحة لتقرير تصنيف ائتماني، يتبعه سيل مهلك من القوانين والقرارات الشعبوية، حكومية أو نيابية، تعملان فقط على زيادة السرعة في الطريق إلى الاصطدام بالحائط، أي تعجيل التداعيات الخطيرة لبلوغ مرحلة العجز عن مواجهة ضرورات الناس.